كحدوث العالَم، وقد ينتهي[1] إلى نقيضها كقِدَم العالَم[2]، فأحد الفكرين خطأ حينئذ لا محالة، وإلاّ لزم اجتماع النقيضين[3]، فلا بد من قاعدة كلية[4] لو روعيت لم يقع الخطأ في الفكر وهي المنطق، فقد ثبت احتياج الناس إلى المنطق في العصمة عن الخطأ في الفكر بثلاث مقدمات[5]، الأولى: أنّ العلم إما تصور أو تصديق، والثانية: أنّ كلا منهما إما أن يحصل بلا نظر أو يحصل
[1]قوله: [قد ينتهي...إلخ] وكذا قد يحصل بالتصور صورة شيء وفي وقت آخر صورته الأخرى فأحدهما غير مطابق فوقع الخطأ، فليس وقوع الخطأ مقصودا في التصديق فقط كما يتوهم من بيان الشارح. (تذهيب)
[2]قوله: [كقدم العالَم] فيه أن نقيض"العَالَم حادث" العالم ليس بحادث، لا أن العالم قديم. والجواب أن المراد بالنقيض أعم من أن يكون بلا واسطة أو بالواسطة فقدم العالم وإن ليس نقيضا لحدوث العالم لكنه ملزوم لنقيض حدوث العالم. واعلم أيضا أن القدم كـ"عنب" ضد الحدوث. و"العالم" جمع لا واحد له من لفظه كالرهط والجيش وغير ذلك، وهو في عرف اللغة عبارة عن جماعة من العقلاء؛ لأنهم يقولون: ½جاءني عالَم من الناس¼ ولا يقولون: ½عالم من البقر¼ وفي عرف الناس عبارة عن جميع المخلوقات، وقيل إنه اسم لأولى العلم من الملائكة والثقلين وقيل: هو اسم لما يعلم به الصانع من الجواهر والأعراض، واشتقاقه من العلامة للصانع تعالى. (تذهيب، قم)
[3]قوله: [لزم اجتماع النقيضين] أي: اجتماع حدوث العالم وقدم العالم. (منه)
[4]قوله: [فلا بد من قاعدة كلية] يعني: لمّا ثبت وقوع الخطأ في الأنظار فمسّت الحاجة إلى معرفة أحوال جميع الأنظار الجزئية وتمييز صحيحها عن سقيمها ولا طريق إليهما بمقدور الناس سوى الاستنباط من الجزئي أو الكلي لكن معرفة الجزئيات الغير المحصورة تفصيلا، بحيث يُعلَم كل جزئي منها عند الحاجة بالانتهاء، أي: جزئي بديهي متعسر متعذر عادة، ولا شك أن العلم الحاصل من الجزئي ظني، فلا جرم احتيج في تحصيل اليقين في الجزئيات الموصلة إلى الكلي حتى يتعدّى حكمه إليها. (تحفة)
[5]قوله: [بثلاث مقدمات] قد ظنّ بعضهم أن ههنا مقدمة رابعة وهي"إن الفطرة الإنسانية لا تكفي لوجود الطرق المناسبة والشرائط نظرا إلى أن الفطرة لو كفت فلا احتياج إلى المنطق. والجواب أن هذه المقدمة داخلة في الثانية فإن وقوع الخطأ في الفكر لايتصوّر إلا على تقدير عدم الكفاية. (تحفة)