وأما كليات الفرضية التي لا مصداق لها[1] خارجاً ولا ذهناً فلا يتعلق بالبحث[2] عنها غرضٌ يعتدُّ به، ثم الكلي إذا نسب إلى أفراده المحققة في نفس الأمر فإما[3] أن يكون عين حقيقة تلك الأفراد وهو النوع أو جزء حقيقتها، فإن كان تمام المشترك[4] بين شيء منها وبين بعض آخر
[1]قوله: [لا مصداق لها خارجا ولا ذهنا] وإلا لزم اجتماع النقيضين لأن كل ما يكون في الخارج أو في الذهن فيكون شيئا ممكنا موجودا في الخارج أو في الذهن، فإذا لم يكن لها أفراد أصلا لم يكن أجناسا ولا أنواعا ولا فصولا ولا أعراضا خاصة ولا عامة، فلا يتعلق الغرض العلمي بها. وههنا شك مشهور وهو أن في اندراج الكليات الفرضية التي هي لا شيء محض تحت الكلي فسادا؛ إذ الكلي ما لا يمتنع تصوره عن الشركة والتصور هو حصول صورة الشيء في العقل فلو كانت كليات لكانت أشياء والشيء أنما يطلق على الموجود لا المعدوم. قيل: الشيء مأخوذ في تعريف التصور بمعنى "ما يمكن أن يعلم ويخبر عنه" وهو شامل للموجود والمعدوم واللاشيء واللاممكن. (تحفة)
[2]قوله: [فلا يتعلق بالبحث عنها...إلخ] لأن المنطق آلة للعلوم الحكمية ولا يوجد فيها قضية يكون موضوعها أو محمولها كليا من الكليات الفرضية. (تحفة)
[3]قوله: [فإما أن يكون عين حقيقة...إلخ] فيه نظر أما أوّلا: فلأن إطلاق الحقيقة مختصّ بالموجود الخارجي فليس للأفراد الذهنية حقيقة فلزم أن لا يكون الكلي بالنسبة إلى أفراده الذهنية نوعا. ثانيا: فلأن الفرد عبارة عن الماهية مع التشخّص بحيث يكون القيد والتقييد كلاهما داخلين فلا يتصور عينية الكلي لحقيقة الفرد لدخول التقييد والقيد فيها دون الكلي. وأما ثالثا: فلأن الحد التام أيضا عين حقيقة أفراده فتعريف النوع المستفاد ومن ههنا ليس بمانع. والجواب عن الأول أن الحقيقة ههنا بمعنى الماهية وهي شاملة للموجود الخارجي والذهني، وعن الثاني بأن المراد من الأفراد الأشخاصُ ولا شك في كون الماهية عينها؛ فإن الشخص يكون فيه التقييد والقيد وكلاهما خارجين عن الذات وإطلاق الأفراد على الأشخاص شائع. وعن الثالث هذا تقسيم الكليات المفردة والحد التام مركب. واعلم أيضا أن القوم خصّصوا الكلام في مبحث الكليات بالمعاني المفردة مع أنه يمكن اعتبار الخمسة في المركبة أيضا تسهيلا للأمر على الناظرين وإلا فكل مفهوم لا يخلو من تلك الخمسة مفردا كان أو مركبا. (تحفة)
[4]قوله: [فإن كان تمام المشترك...إلخ] المراد بـ"تمام المشترك" الجزء المشترك الذي لا يكون الجزء
المشترك بين الأنواع خارجا عنه بل كل جزء مشترك بينهما يكون إما نفس ذلك الجزء أو جزء منه كالحيوان فإنه تمام المشترك بين الإنسان والفرس. والجسم أيضا مشترك بينهما لكنه داخل في الحيوان وليس خارجا عنه. توضيحه: أن للإنسان والفرس مثلا أجزاء بسيطة كـ"الجوهر والجسم والنامي والحساس والمتحرك بالإرادة" وهي أجزاء مشتركة بينهما، والحيوان أيضا جزء مشترك بينهما وهو جامع وشامل لكل أجزاء مشتركة بينهما فيقال: له ½تمام المشترك¼. واعلم أن اللام في المشترك للجنس، فيعمّ ما إذا كان المشترك فيه متعدّدا كما في الأجناس المركبة كالحيوان مثلا فإنه مجموع المشتركات بين الإنسان والفرس مثلا بمعنى أن ليس بينهما مشترك إلا وهو جزء منه وما لم يكن متعدّدا كما في الأجناس البسيطة كالجوهر؛ فإنه تمام المشترك بين العقل والإنسان مثلا بمعنى أن ليس بينهما مشترك إلا إياه. (تحفة، قم)