تحت كلي[1] على حال الجزئي الآخر، فالأول هو القياس وقد سبق مفصلاً، والثاني هو الاستقراء، والثالث هو التمثيل، فالاستقراء[2] هو الحجة التي يستدل فيها من حكم الجزئيات على حكم كليها، هذا تعريفه الصحيح الذي لا غبار عليه، وأما ما استنبطه المصنف من كلام الفارابي[3] وحجة الإسلام واختاره أعني تصفح الجزئيات وتتبّعها لإثبات حكم كلي ففيه تسامح ظاهر[4]، فإنّ هذا التتبّع ليس معلوما تصديقيا موصلاً إلى مجهول تصديقي فلا يندرج تحت الحجة، وكأنّ الباعث على هذه المسامحة هو الإشارة إلى أنّ تسمية هذا القسم من الحجة بالاستقراء
[1]قوله: [تحت كلي] أي: كلي واحد قريب وإلا فكل جزئيين يندرجان تحت كلي كما لا يخفى. (تحفة)
[2]قوله: [فالاستقراء هو الحجة...إلخ] الاستقراء في اللغة: التتبع تقول استقريتُه إذا تتبعتَه وفي الاصطلاح هو الحجة التي يستدل فيها من حكم اكثر الجزئيات على حكم كليها وسمّيت بذلك؛ لأن مقدماته لا تحصل إلا بتتبع الجزئيات واستقرائها فيكون من قبيل تسمية المسبب باسم السبب وإنما زدنا لفظ "الأكثر" لئلا يلزم شمول الحد على ما ليس من افراد المحدود فإن ما يستدل فيها من حكم جميع جزئياته على حكم الكلي ليس باستقراء بل قياس مقسم وكيف، فهو مفيد لليقين وإنما يطلق عليه لفظ الاستقراء باعتبار أنه يحتاج في مقدماته إلى التتبع. واعلم أن الشارح لم يزد لفظ "الأكثر" لأنه أراد بتعريفٍ تعريفَ لما يطلق عليه الاستقراء. فالمراد من الجزئيات أعم من الأكثر والكل؛ فإن الاستقراء بهذا المعنى شامل لما يستدل فيها من حال جميع الجزئيات على حال الكلي أو من حال أكثر الجزئيات على حاله. ( تحفة، قم بتصرف)
[3]قوله: [من كلام الفارابي وحجة الإسلام] وكلام الفارابي: أن الاستقراء هو الحكم على كلي لوجوده في أكثر الجزئيات. وقال فخر الإسلام البزدوي: وهو تصفح أمور جزئية ليحكم بحكمها على أمر يشمل تلك الجزئيات. (تحفة)
[4]قوله: [ففيه تسامح ظاهر] لأن المصنف فسّره بالتصفح ومعنى التصفح التتبع. وهو معلوم تصوري يحصل به مجهول تصوري والاستقراء معلوم تصديقي يحصل به مجهول تصديقي لأنه من أقسام الحجة فيكون مركبا من مقدمات تشتمل على التصفح أي: التتبع لا نفسه. (حسن العطار بتصرف)