شكر[1] الله مساعيهم الجميلة. قوله: [من أيّ علم هو] أي من أيّ جنس من أجناس العلوم العقلية أو النقلية الفرعية أو الأصلية، كما يبحث عن المنطق أنه من جنس العلوم الحكمية[2] أم لا، فإن فسّرت الحكمة بالعلم بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر
[1]قوله: [شكر الله مساعيهم الجميلة] الشكر ههنا بمعنى "القبول"، لأنه مسند إلى الله تعالى، ومساعي جمع مسعى يعني: السعي. (قم)
[2]قوله: [مِن العلوم الحكمية أم لا...إلخ] اعلم أن الحكمة علمٌ بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بحسب الطاقة البشرية، ثم أن أعيان الموجودات إن كانت باختيارنا وقدرتنا، فهي الحمكة العملية وإن لم يكن بقدرتنا واختيارنا، فهي الحكمة النظرية، وكل منهما على ثلاثة أقسام أما العملية فلأنها أما علم بمصالح شخص بانفراده ليتحلّى بالفضائل ويتخلّى عن الرذائل يسمّى تهذيب الأخلاق وأما علم بمصالح جماعة مشاركة في المنزل كالوالد والمولود يسمّى تدبير المنزل وأما علم بمصالح جماعة مشاركة في المدينة يسمّى بالسياسة المدنيّة. وأما النظرية فإن كانت غير محتاجة في الوجود الخارجي والعقلي إلى المادة كالإله، يسمّى بالعلم الإلهي والأعلى والفلسفة الأولى وما بعد الطبيعة، وقد يطلق عليه ما قبل الطبيعة أيضا نادرا، وإن احتاجت في الوجودين إليها كالإنسان، وهو العلم الأول ويسمى بالعلم الطبيعي وإن كان احتياجها إلى المادة في الوجود الخارجي فقط دون التعقل كالكرة وهو العلم الأوسط، ويسمّى بالعلم الرياضي والتعليمي. فإذا عرفت هذا فاعلم: أن المنطق لا يدخل في الحكمة على هذا التفسير؛ إذ ليس البحث فيه عن الأعيان الخارجية بل عن المفهومات والموجودات الذهنية الموصلة إلى التصور والتصديق المجهولين وإن حذف الأعيان وقيل: ½إنها علم بأحوال الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية¼ يدخل تحتها ويكون من أقسام الحكمة النظرية إذ البحث فيها أيضا عن أحوال الموجودات التي ليس وجودها بقدرتنا واختيارنا وحينئذ فأما أن يكون أصلا من أصول الحكمة النظرية أي: قسما رابعا لها لخصوصية ملحوظة فيه أو داخلة في الإلهي. فتبصّر. (قم)