لا يتصوّر الضلالة بعد الوصول إلى الحقّ، والثاني[1] منقوض بقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾ [القصص:٥٦]، فإنّ النبي عليه السلام كان شأنه إراءة الطريق، والذي يفهم من كلام المصنف[2] رحمه الله في حاشية "الكشاف"[3] هو أنّ الهداية لفظ مشترك[4] بين هذين المعنيين
[1]قوله: [والثاني منقوض...إلخ] أي: إذا تُحمل هذه الايةُ على المعنى الثاني فمعناها: أنك يا محمد لا تقدر أن ترى وتدخل من احببت هدايتَه الطريقَ الذي يوصل الى المطلوب، وهذا مخالف لمنصب النبوة، فافهم. (قم)
[2]قوله: [والذي يفهم من كلام المصنف...إلخ] قال المصنف في تلك الحاشية: لا كلام في مجيء "هدايتُه الطريق وهدايته للطريق وهدايته الى الطريق"، وقد يفرق بينها بأن معنى الأول: الإذهاب إلى المقصد والإيصال إليه ولهذا يسند إلى الله خاصة ومعنى الثاني: الدلالة وإراءة الطريق فيسند الى النبي (صلى الله عليه وسلم) مثل: إنك لتهدي إلى صراط مستقيم، وإلى القرآن مثل: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم. انتهي. (قم)
[3]قوله: [الكشاف] اسم كتاب التفسير للزمخشري (٤٦٧–٥٣٨ﻫ) أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري جارالله، كان الإمام الكبير في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان؛ وصنّف التصانيف البديعة، منها: "الكشاف" في تفسير القرآن العزيز، و"المحاجاة بالمسائل النحوية" و"المفرد والمركب" في العربية و"أساس البلاغة" في اللغة، وكان قد سافر إلى مكة، حرسها الله تعالى، وجاور بها زماناً، فصار يقال له: "جار الله" لذلك، وكان هذا الاسم علماً عليه، وكان الزمخشري المذكور معتزلي الاعتقاد متظاهراً به. (وفيات الأعيان، ٣/٨٦)
[4]قوله: [مشترك] أي: بالاشتراك اللفظي الذي هو عبارة عن كون اللفظ موضوعا لمعان كثيرة بأوضاع متعدة ففي قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ﴾ [حم السجدة:١٧] بمعنى اراءة الطريق وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾ [القصص:٥٦] بمعني الإيصال إلى المطلوب فلا نقض ولمّا جعلها مشتركا والمشترك لابد له من قرينةٍ تعيّن المعنى المرادَ فأراد بقوله: "إنّ الهداية تتعدى...إلخ"، بيانَ القرينة. (تحفة)