وحينئذ[1] يظهر اندفاع كلا النقيضين ويرتفع الخلاف من البين. ومحصول كلام المصنف في تلك الحاشية: أنّ الهداية تتعدّى إلى المفعول الثاني تارةً بنفسه نحو: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ [الفاتحة:٥]، وتارةً بـ"إلى" نحو: ﴿وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [البقرة:٢١٣]، وتارةً بـ"اللام" نحو: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ﴾ [بني إسرائيل:٩]، فمعناها على الاستعمال الأول هو الإيصال وعلى الثانيين إراءة الطريق. قوله: [سواء الطريق] أي وسطه[2] الذي يفضي سالكه إلى المطلوب ألبتة[3]، وهذا[4] كناية عن الطريق المستوي، إذ هما[5] متلازمان،
[1]قوله: [حينئذٍ] أي: وحين إذ كان الهداية لفظا مشتركا بين المعنيين المذكورين: الإيصال والإراءة، يظهر اندفاع النقضين لأنه يقال: إنها فى الآية الأولى للإراءة والمفعول الثاني المحذوف مقدّر مع إلى أو اللام وفي الآية الثانية للإيصال و المفعول الثاني مقدّر بدونهما. فائدة: واعلم أيضا أن الفرق بين الدفع والرفع هو: أن الأول يقال: لإعدام الشيء قبل مجيئه والثاني: لإعدامه بعد مجيئه عكس الوضع. (قم)
[2]قوله: [أي وسطه] على ما وقع فى الصراح: أن سواء الشيء وسطه ووسط الطريق أقرب إلى الإيصال إلى المقصود من أطرافه. (تحفة)
[3]قوله: [ألبتة] لفظ ½ألبتة¼ مصدر لا يستعمله العرب إلا بالألف واللام فإن حذفهما خطاء عندهم. وقد يجيء بدون الألف واللام عند الفراء. ويفهم من كلام الجوهري أن ½ال¼ غير لازم له، قال الجوهري: ويقال: لا أفعله ½بتة¼ ولا أفعله ½ألبتة¼ لكل أمر لا رجعة فيه. ونصبه على المصدر. ثم إنهم اختلفوا في أن الصيغة هل هي منصرفة أو غير منصرفة للتأنيث والعلمية فإنه علم لقطع خاص في أي: مكان يقع، فعدم دخول التنوين على الأول لأجل اللام وعلى الثاني للمنع من الصرف. (قم)
[4]قوله: [وهذا] أي: وسط الطريق كناية عن الطريق المستوي لأن سواء الطريق لمّا كان لازما لِوسط الطريق فذكر الوسط و أراد الاستواء. (تحفة)
[5]قوله: [إذ هما] أي: وسط الطريق والطريق المستوي متلازمان، ومدار الكناية على اللزوم؛ إذ هي لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه كما بُيّن في علم البيان. ووجه الملازمة أن وسط الطريق كالطريق المستوي والصراطِ المستقيم في الإفاضة و الإيصال إلى المطلوب غالباً وإنا فرضنا خطوطا واصلة بين نقطتين فالذي يكون وسطا منها مستوٍ ومستقيم في الإيصال أيضا وكذا العكس. (تحفة)