وإن لم يكن مستحيلاً[1] كدوام الحركة للفلك، ثم الدوام أعني عدم انفكاك النسبة الإيجابية أو السلبية عن الموضوع إما ذاتي أو وصفي، فإن كان الحكم في الموجّهة بالدوام الذاتي أي بعدم انفكاك النسبة عن الموضوع مادام ذات الموضوع موجودةً سميت[2] القضية "دائمةً[3]"؛ لاشتمالها على الدوام، و"مطلقةً"؛ لعدم تقييد الدوام بالوصف العنواني، وإن كان الحكم بالدوام الوصفي أي بعدم انفكاك النسبة عن ذات الموضوع مادام الوصف العنواني ثابتا لتلك الذات سميت "عرفية[4]"؛ لأنّ أهل العرف يفهمون هذا المعنى من القضية السالبة بل من الموجبة[5] أيضاً عند الإطلاق، فإذا قيل: ½كل كاتب متحرك الأصابع¼ فهموا أنّ هذا الحكم ثابت له مادام
[1]قوله: [وإن لم يكن مستحيلا] فالدوام قد يكون مع الضرورة وقد لا يكون، فهو أعمّ مطلقا مِن الضرورة صدقا وبينهما عموم خصوص مطلقا. (تحفة)
[2]قوله: [سميت القضية دائمة] ترك مثالها؛ لأن المثال المذكور للضرورية المطلقة بعينه مثال الدائمة المطلقة أيضا، إذا أبدل لفظ الضرورة بالدوام بأن يقال: كل إنسان حيوان دائما، ولا شيء من الإنسان بحجر دائما. (تحفة)
[3]قوله: [دائمة] ومحمولها يكون خاصة لازمة في جميع أوقات ذات الموضوع، فتحقّق الضرورية معها ليس بضروري. (تحفة)
[4]قوله: [عرفية] ومحمولها يكون خاصة لازمة لوصف الموضوع، وإذا تحقّقت في مادّة الدوام الذاتي ففي مادة الضرورة الوصفية يتحقّق بطريق الأولى ولا عكس. (تحفة)
[5]قوله: [بل من الموجبة أيضا...إلخ] إنما لم يقل: "من الموجبة والسالبة" لأن هذا المعنى إنما هو في جميع مواد السالبة وفي الموجبة في بعضها، مثل: كل كاتب متحرك الأصابع وكل نائم معطل الحواس.
فإن أهل العرف يفهمون أن تحرك الأصابع للكاتب دائما مادام كاتبا، وتعطل الحواس ثابت للنائم دائما مادام نائما دون بعض، كقولنا: "كل كاتب إنسان"؛ فإنهم لا يفهمون منه أن الإنسان ثابت للكاتب دائما مادام كاتبا ما لم يصرّح بقولنا: "دائما مادام كاتبا"، فلو قال: "من السالبة والموجبة" لَتوهم فهم العرف ذلك المعنى في جميع مواد الموجبة أيضا؛ لأن الأحكام الموردة في هذا الفن كلّيات فمعنى قوله: "من القضية السالبة بل من الموجبة أيضا" من جميع مواد القضية السالبة بل من بعض الموجبة أيضا. (تحفة)