لا شيء من ب ج دائما وهو مع الأصل[1] ينتج لا شيء من ج ج. هذا خلف. قوله: [ولا عكس للممكنتين] واعلم أنّ صدق[2] وصف الموضوع على ذاته في القضايا المعتبرة في العلوم
[1]قوله: [وهو مع الأصل] يعني: إذا جعلنا هذا النقيض أي: قولنا: لا شيء من ب ج دائما كبرى للشكل الأول والأصلَ أي: قولنا: كل ج ب بإحدى الجهات الخمس صغرى له، فأنتج الشكل الأول أي: كل ج ب بإحدى الجهات الخمس، ولا شيء من ب ج دائما؛ أنه لا شيء من ج ج هو محال، فإذا قلنا: كل إنسان حيوان بإحدى الجهات الخمس فنعكسه"بعض الحيوان إنسان بالفعل" وهو صادق كلّما تحقّق الأصل، فإنه لو لم يكن صادقا فيصدق نقيضه وهو لا شيء من الحيوان بإنسان دائما، فإذا ضممناها بالأصل بأن نجعله كبرى والأصل صغرى بأن تقول: كل إنسان حيوان بإحدى الجهات الخمس ولا شيء من الحيوان بإنسان دائما، ينتج لا شيء من الإنسان بإنسان دائما، وهو محال فنقيض العكس المستلزم للمحال محال فالعكس حق وهو المطلوب. (تحفة)
[2]قوله: [اعلم أن صدق...إلخ] اعلم أن محصّل مفهوم القضية يرجع إلى عقدين: عقد الوضع وهو اتصاف ذات الموضوع بوصفه العنواني، وعقد الحمل وهو اتصاف ذات الموضوع بوصف المحمول. الأول تركيب تقييدي بوضع كلي، والثاني تركيب خبري، فعند تحقّق القضية يكون ثلاثة أشياء: ذات الموضوع وصدق وصفه العنواني على ذاته وصدق وصف المحمول على ذات الموضوع، فإذا صدق وصف الموضوع على ذاته يكون هناك نسبة وصفه إلى ذاته، وقد علمتَ في ما سبق أن نسبة شيء إلى شيء لا بد أن تكون مكيّفة بكيفية مّا في نفس الأمر. ثم أبو نصر الفارابي ذهب إلى أن تلك الكيفية في عقد الوضع الإمكانُ أي: إمكان صدق وصف العنوان على ذات الموضوع فقط كالكاتب والضاحك للإنسان، وذهب الشيخ أبو على سينا المؤخر عن الفارابي إلى أن تلك الكيفية إمكان ذلك الصدق مع الفعل بحسب الفرض، فعلى هذين المذهبين تنعكس الممكنتان ممكنة عامة، ضرورة إمكان صدق أحد الوصفين على ما يمكن صدق الآخر عليه يسلتزم إمكان صدق الآخر على ما يمكن صدقه عليه. وأما على ما هو الظاهر من كلام الشيخ من أن تلك الكيفية إمكان ذلك الصدق مع الفعل بحسب نفس الأمر، فهما لا تنعكسان أصلا كما سيجيء في الشرح، فليس عدم انعكاسهما على رأي الشيخ مطلقا كما هو المشهور بين القوم على رأي من دون رأي. ثم المعتبر عند الفارابي صدق عنوان الموضوع على ذاته بحسب نفس الأمر بالنفس إلى نفس المفهوم لا الواقع والخارج والدليل، فيشمل نحو: كل شريك الباري ممتنع، فإن الإمكان بهذا المعنى لا يقتضي إمكان وجود الفرد، فلا إشكال على الفارابي بخروج أمثال هذه القضية. والشيخ لما وجد مذهب الفارابي مخالفا للعرف واللغة؛ فإن الأسود إذا أطلق لم يفهم منه عرفا ولغة شيء لم يتّصف بالسواد أزلا وأبدا، وإن امكن اتصافه به اعتبر صدق عنوان الموضوع على ذاته بالفعل أي: في أحد الأزمنة الثلاثة في الوجود الخارجي أو في الفرض الذهني بمعنى أن العقل يعتبر اتصافها بأن لوجودها بالفعل في نفس الأمر يكون كذا سواء وجد أو لم يوجد والذات الخالية عن السواد دائما كالرومي لا يدخل في كل أسود عند الشيخ ويدخل على رأي الفارابي عقد الوضع هو الإمكان المقيّد بجانب الوجود فيشمل ما يكون وصف الموضوع ضروريا لذاته. (تحفة)