منهما العلم بشيء، نعم يحصل منهما الظنّ[1] بشيء. وبقوله: ½لذاته¼ خرج ما يلزم منه قول آخر بواسطة مقدمة خارجية[2] كقياس المساواة[3] نحو: "ا" مساوٍ لـ"ب" وب مساوٍ لـ"ج"
[1]قوله: [الظن بشيء آخر] كما عرفت الآن، ثم التمثيل لا يفيد إلا الظن. وأما الاستقراء فإن كان تاما فيفيد اليقين، وإلا فيفيد الظنّ فهو لا يفيد اليقين. فصحّ أن يقال: إن القول الآخر ليس بلازم، إذ لو كان لازما له لما تخلف في مادة فلا يرد ما يورد. (تحفة)
[2]قوله: [مقدمة خارجية] أي: خارجة عن القياس. واعلم أن المقام الذي لا يصدق تلك المقدمة لا يصدق النتيجة كالتناصف بأن يقال: النصف لــ"ب" و"ب" نصف لـ"ج" لا يلزم منه"ا" نصف لـ"ج"؛ لأن نصف نصف لشيء ليس بنصفه بل ربعه. وإن قيل: إن الموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء مقدمة صادقة، فيلزم منه أن ينتج قولُنا: ½الطلاق موقوف على النكاح والنكاح موقوف على تراضي الطرفين¼ أن الطلاق موقوف على تراضي الطرفين، مع أنها كاذبة. قلنا: إن هذه النتيجة صادقة، لأن الطلاق موقوف على تراضي الطرفين الذي توقف عليه النكاح. أي: لا نسلم عدم الصحة؛ فإن اللزوم والتوقف حاصل فيه أيضا فإن المراد من رضاء الطرفين رضاؤهما حين النكاح لا رضاؤهما حين الطلاق وظاهر أن الطلاق موقوف على هذا الرضاء ليقع النكاح. ثم الطلاق فإنه إزالة قيد النكاح فهذه القضية نظير قولك: السقف موقوف على الحائط والحائط موقوف على الأساس فالسقف موقوف على الأساس. (تحفة، قم)
[3]قوله: [كقياس المساواة] هو القياس الذي يكون متعلق محموله في الصغرى موضوعا في الكبرى، وهكذا خرج عن قوله: ½لذاته¼ القياس المبين بعكس النقيض، إذ المراد باللزوم لذاته في هذا المقام اصطلاحا أن يكون اللزوم بواسطة مقدمة غريبة، سواء لم يكن أصلا كما في الشكل الأول أو كانت بواسطة غير غريبة كما في سائر الأشكال أو بواسطة غريبة، وهي الواسطة التي لا تكون لازمة لشيء من القضايا الملزومة كما في قياس المساواة، أو يكون لبعضها كذلك لكن يكون متناقضة للقضية الملزومة في كلا الطرفين أو أحدهما كما في القياس المبين بعكس النقيض. كقولنا: ½جزء الجوهر جوهر¼، لأنه يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر فجزء الجوهر جوهر، فينتج: أن جزء الجوهر جوهر. لأن المقدمة الثانية تنعكس بعكس النقيض كقولنا: ½كل ما يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر فهو جوهر¼. فنجعله كبرى والمقدمة الأولى صغرى بأن يقال: ½جزء الجوهر يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر وكل
ما يوجب ارتفاعه ارتفاع الجوهر فهو جوهر¼، ينتج: أن جزء الجوهر جوهر، أو لا تكون متناقضة للقضية الملزومة في كلا الطرفين أو أحدهما كما في القياس المبين بالعكس المستوي كقولنا: كل إنسان حيوان، وكل إنسان ناطق، فبعض الحيوان ناطق، لأن المقدمة الأولى تنعكس بالعكس المستوي إلى قولنا: بعض الحيوان إنسان وكقولنا: كل إنسان حيوان ولا شيء من الحجر بحيوان، فلا شيء من الإنسان بحجر، لأن المقدمة الثانية تنعكس بالعكس المستوي إلى قولنا: لا شيء من الحيوان بحجر ومما ذكرنا اندفع ما قيل: إن ما سوى الشكل الأول يخرج عن القياس بقوله: ½لذاته¼، فإن إنتاجه ليس لذاته كما سيجيء. فتأمل. ثم لا يخفى أن قياس المساواة لا ينحصر في مادة المساواة بل يشتمل بمثل قولنا: الف ملزوم لـ"ب" و"ب" ملزوم لـ"ج" وبمثل قولنا: الف موقوف لـ"ب" و"ب" موقوف لـ"ج" ونحو ذلك، وتسمية بقياس المساواة باعتبار أشهر أفراده، فإن المثال الأول الذي صدر من المعلّم الأول كان مشتملا على لفظ "المساوي" على ما نقل. (تحفة، قم)