والثاني إن أفاد جزماً يقينياً فهو البرهان وإلاّ فإن اعتبر فيه عموم الاعتراف من العامة والتسليم من الخصم فهو الجدل[1] وإلاّ فهو المغالطة[2]. واعلم[3] أنّ المغالطة إن استعملت في مقابلة الحكيم سميت سفسطة[4] وإن استعملت في مقابلة غير الحكيم سميت مشاغبة[5]، واعلم أيضاً أنه اعتبر في البرهان أن يكون مقدماته بأسرها يقينية[6] بخلاف غيره من الأقسام مثلاً يكفي في كون القياس مغالطةً أن يكون إحدى مقدمتيه وهمية وإن كان الأخرى يقينية، نعم يجب أن لا يكون فيها ما هو أدوَن منها كالشعريات[7]، وإلاّ يلحق بالأدون فالمؤلف من مقدمة
[1]قوله: [الجدل] هو الخصومة، وفي الاصطلاح قياس مؤلف من قضايا مشهورة أو مسلمة لإنتاج قول آخر. والجدلي قد يكون سائلا وغاية سعيه إلزام الخصم وإقحام مَن هو قاصر من إدراك مقدمات البرهان، وقد يكون مجيبا، وغرضه أن لا يطرح مطرح الإلزام. (تحفة)
[2]قوله: [فهو المغالطة] المغالطة في الاصطلاح قياس فاسد، إما من جهة المادة أو من جهة الصورة أو من جهتهما معا يفيد التصديق الجزمي أو الظني الغير المطابق للواقع. (تحفة)
[3]قوله: [واعلم...إلخ] حاصلة المغالطة قسمان: الأول: ما يغلط للحكيم فهو يسمّى"سفسطة" في الاصطلاح، والثاني لغيره فهو "مشاغبة"، والمغالطة قياس فاسد صورة أو معنى. (تحفة)
[4]قوله: [سميت سفسطة] أي: باطلة، وهي مشتقة من "سوف" وهو الحكمة و"إسطا" هو التلبيس، ومعناه"الحكمة الموقعة في الالتباس والاشتباه". (تحفة)
[5]قوله: [فهو مشاغبة] من الشغب، بمعنى شور انگیختن أي: تهيج الشرّ، يقال: شغبهم وبهم وعليهم كمنع وفرح: هيج الشر عليهم وهو مشاغب وشاغب أي: شارّ.(قم)
[6]قوله: [بأسرها يقينية] وإلا فلا يفيد اليقين؛ لأن المركب من اليقيني وغير اليقيني غير يقيني البتة كما أن المركب من المستقل وغير المستقل كما هو المشهور. (تحفة)
[7]قوله: [كالشعريات] فإنها لإفادتها التخييل لا التصديق صارت أدون من سائر الأقسام التي تفيد تصديقا والملحق بها يفيد ظنّا. (تحفة)