أقلّ وجوداً[1][2] في العقل وأخفى في نظره وشان المعرِّف أن يكون أعرف من المعرَّف لم يجز أن يكون أخص منه أيضاً، وقد علم من تعريف المعرِّف بما يحمل على الشيء أنه لا يجوز أن يكون مباينا للمعرَّف فتعيّن[3] أن يكون مساويا له، ثم ينبغي أن يكون أعرف من المعرَّف في نظر العقل؛ لأنه معلوم موصل إلى تصور مجهول هو المعرف لا أخفى[4] ولا مساويا[5] له
[1]قوله: [أقل وجودا] بالنظر إلى أن جهات تصوره قليلة وشرائط حصوله في العقل كثيرة، بخلاف الأعم فإن جهات تصوره كثيرة إذ كلّما يحصل الخاص في الذهن يحصل الأعم فيه أيضا دون العكس، وشرائط حصوله فيه قليلة؛ فإن جميع شرائط حصول الأعم شرائط حصول الأخص مع شرائط أخرى أيضا عرضت له من جهة الخصوصية. (تحفة)
[2]قوله: [أقل وجودا في العقل] فإن وجود الخاص في العقل مستلزم لوجود العام بدون العكس ولا يخفى عليك أن هذا الاستلزم إنما هو إذا كان العام ذاتيا للخاص، ويكون الخاص معقول بالكنه وإلا فلا، وإذا كان الأخص أقل وجودا في العقل يكون أخفى في نظره البتة. (تحفة)
[3]قوله: [فتعين أن يكون مساويا له] أي: في الصدق، واشتراط المساواة اختيار المتأخرين، والمتقدمون جوّزوا التعريف بأي شيء يصلح لإفادة التصور مساويا كان أو أعم أو أخص. (تحفة)
[4]قوله: [لا أخفى] المراد بالأخفى ما يكون مرتبته عند العقل بعد مرتبة المعرَّف أسبق إلى العقل، وذلك كتعريف النار بأنه جسم كالنفس؛ فإن النار أسبق إلى الفهم من النفس. (تحفة)
[5]قوله: [ولا مساويا في الخفاء والظهور] والمساواة في الخفاء والظهور هي أن يكون العِلم بأحدهما مع العِلم بالآخر والجهل بأحدهما مع الجهل بالآخر، كتعريف أحد المتضايفين بالآخر كأن يقال: الأب مَن له ابن، والابن مَن له أب، وكتعريف الحركة بـ"ما ليس بسكون"؛ فإنهما في المرتبة الواحدة من العلم والجهل، فمَن علم أحدهما علم الآخر، ومَن جهل أحدهما جهل الآخر. والمعرِّف يجب أن يكون أقدم معرفةً؛ لأنه علة لمعرفة المعرَّف والعلة تكون متقدّمة على المعلول. واعلم أنما اكتفى المصنّف بمنع التعريف بالمساوي معرفة دون التعرّض للمساوي جهالةً كما تعرّض له الجمهور إشعارا إلى أن المساواة في المعرفة تستلزم المساواة في الجهالة فلا حاجة إلى تقييد المساواة بكلا الأمرين. (تحفة، تذهيب)