بين الطرفين أي المقدم والتالي منافاة ناشية[1] عن ذاتيهما في أيّ مادة تحققا كالمنافاة بين الزوجية والفردية، لا من خصوص المادة كالمنافاة بين السواد والكتابة في إنسان يكون أسود وغير كاتب أو يكون كاتبا وغير أسود، فالمنافاة بين طرفي هذه المنفصلة واقعة لا لذاتيهما بل بحسب خصوص المادة؛ إذ قد يجتمع السواد والكتابة في الصدق أو في الكذب في مادة أخرى، فهذه منفصلة حقيقية اتفاقية وتلك منفصلة عنادية. قوله: [ثم الحكم[2]...آه] كما أنّ الحملية[3] تنقسم إلى محصورة ومهملة وشخصية وطبعية كذلك الشرطية أيضاً، سواء كانت متصلة أو منفصلة تنقسم إلى المحصورة الكلية والجزئية والمهملة والشخصية، ولا تعقل الطبعية ههنا[4].
[1]قوله: [منافاة ناشئة عن ذاتيهما] بأن يقتضي مفهوم أحدهما أن يكون متنافيا للآخر كالتنافي بين الزوج والفرد، والشجر والحجر. (تحفة)
[2]قوله: [ثم الحكم...إلخ] هذا هو التقسيم الثاني للشرطية إلى المحصورة والمخصوصة والمهملة، كانقسام الحملية إليها، والفرق أن انقسام الحملية إليها باعتبار أفراد الموضوع وانقسام الشرطية إليها باعتبار تقادير المقدّم أي: أوضاعه، ويراد بالأوضاع الأحوالُ العارضة للمقدّم بالنظر إلى ما سواه من الأمور المقارنة للمقدّم بالإمكان أو بالفعل، وإنما لم تفسر التقادير بالأزمنة بل بالأوضاع لاستلزام شمول الأوضاع شمول الأزمنة من غير عكس. فتدبر. (أبو الحسنات)
[3]قوله: [كما أن الحملية...إلخ] اعلم أن تقادير الشرطيات كأفراد الحمليات، فإن حكم اتصالا أو انفصالا على تقدير معين فشخصية، و إلا فإن بيّن كمية التقادير كلا أو بعضا فمحصورة كلية أو جزئية، وإلا فمهملة. (تحفة)
[4]قوله: [ولا تعقل الطبيعية] دفع توهم عسى أن يتوهم أن المخصوصة والمحصورة كانتا من أقسام الحملية، وينقسم إليهما الشرطية، فكذا يجوز أن تنقسم مثل الحملية إلى الطبيعية أيضا، ودفعه: بأن الطبيعية في الشرطية غير معقولة فضلا عن أن يكون معتبرة، إذ الحكم في الشرطية على التقادير واعتبارها واجب فيها، فهي بمنزلة الأفراد في الحملية فيعقل بيان الكمية واهما لها، ولا يعقل أخذ طبيعة المحكوم بدون التقادير، وأيضا أن ما يحكم عليه في الشرطية لا يصلح أن يؤخذ من حيث الإطلاق والعموم فكيف تكون طبيعية؟ وإذا لم تكن الطبيعية معقولة فكيف تكون المهملة القدمائية معقولة؛ لأن الحكم فيها على الطبيعية أيضا مع قطع النظر عن العموم والخصوص. لا يذهب عليك أن المعدولة والمحصلة غير معقولة في الشرطية، إذ العدل والتحصيل لا يجريان فيها كما يجريان في الحملية؛ لأن الاتصال والانفصال إنما يتحقق بين النسبتين في نفسهما وهما ليستا بمعدولتين ومحصلتين باعتبار نفسهما بل باعتبار طرفيهما، فاعتبار ذلك فيهما باعتبار جزئية حرف السلب بجزء من المقدم والتالي، وإن كان ممكنا لكن لا فائدة في اعتداده، وكذا الحقيقية والخارجية وإن كان اعتبارهما صحيحا باعتبار أخذ جميع التقادير الممكنة أو الاقتصار على التقادير الواقعية لكنه خارج عن حيز الاعتداد؛ لأن الحكم في الشرطية ليس بمقصور على التقادير الواقعية بل شامل لجميع التقادير. (تحفة)