ذلك فالأمر أظهر، الثاني: النصوص الواردة في ذلك، كقوله تعالى: ﴿ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ ﴾[الصافات: ٩٦] أي: عملكم، على أنّ ½ما¼ مصدريّة٠[1]٠ لئلاّ يحتاج٠[2]٠ إلى حذف الضمير، أو معمولكم على أنّ ½ما¼ موصولة، ويشمل الأفعال؛ لأنّا إذا قلنا: أفعال العباد مخلوقة لله تعالى أو للعبد, لم نرد بالفعل٠[3]٠ المعنى المصدريّ الذي هو الإيجاد والإيقاع، بل الحاصل بالمصدر الذي هو متعلّق الإيجاد والإيقاع أعني: ما نشاهده من الحركات والسكنات مثلاً، وللذهول عن هذه النكتة٠[4]٠ قد يتوهّم أنّ الاستدلال بالآية موقوف على كون ½ما¼ مصدريّة، وكقوله تعالى: ﴿ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ﴾[الأنعام: ١٠٢] أي: ممكن، بدلالة العقل٠[5]٠، وفعل العبد شيء، وكقوله تعالى:
[1] قوله: [على أنّ ½ما¼ مصدريّة] قال العلاّمة الخيالي ماحاصله: ينبغي أن يجعل هذا المصدر بمعنى المفعول؛ لأنّ المعنى المصدريّ أمر اعتباريّ, لا تحقّق له في الخارج أصلاً, ثُمَّ يحمل الإضافة بمعونة المقام على الاستغراق؛ لأنّ المقام مقام التمدّح وإن كان أصل الإضافة للعهد على ما بيّن في موضعه؛ إذ لو لم يحمل على الاستغراق لم يتمّ المقصود؛ إذ لا شكّ أنّ المعمول يصدق على مثل السرير بالنسبة إلى النجّار, فعلى تقدير أن لا يكون الإضافة للاستغراق يجوز أن يكون المراد ببعض المعمولات أمثال هذا المعمول, ولا خلاف للمعتزلة في أنّ أمثال هذا المعمول من الجواهر مخلوقة له تعالى, إنّما الخلاف فيما يقع من كسب العبد من الأعراض, مثل: الصوم والصلاة وغيرهما. ١٢
[2] قوله: [لئلاّ يحتاج... إلخ] بخلاف ½ما¼ إذا كان ما موصولة, فإنّه لا بدّ في الصلة من ضمير عائد إلى الموصول. ١٢
[3] قوله: [لم نرد بالفعل... إلخ] أي: لا نزاع بيننا وبين المعتزلة في الفعل بالمعنى المصدريّ؛ لأنه أمر اعتباريّ ليس بموجود في الخارج, إنّما النـزاع في الحاصل بالمصدر الذي هو المعمول. ١٢
[4] قوله: [هذه النكتة] أي: أنّ المراد من العمل والمعمول واحد, وهو الحاصل بالمصدر. ١٢
[5] قوله: [بدلالة العقل] إشارة إلى جواب سؤال مقدّر تقريره: أنّ الشيء بمعنى الموجود يشمل الواجب
والممكن كليهما, وذكر العامّ وإرادة الخاصّ لا يجوز من غير قرينة؛ لأنّ العامّ لا دلالة له على الخاصّ بإحدى الدلالات الثلاث, فأجابه: بانّ العقل يدلّ على أنّ المراد من الشيء هاهنا هو الممكن دون الواجب؛ إذ ليس المقدور إلاّ الممكن. ١٢