وأمّا الكلام القديم الذي هو صفة الله تعالى فذهب الأشعريّ٠[1]٠ إلى أنه يجوز أن يسمعه٠[2]٠، ومنعه٠[3]٠ الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائنيّ، وهو اختيار الشيخ أبي منصور الماتريديّ٠[4]٠، فمعنى قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] ما يدلّ عليه٠[5]٠، كما يقال: ½سمعت علم فلان¼، فموسى عليه السلام٠[6]٠ سمع صوتاً دالاًّ على كلام الله تعالى، لكن لَمَّا كان بلا واسطة
[1] قوله: [الأشعريّ] هو الشيخ أبو الحسن الأشعريّ وهو منسوب إلى "أشعر", وهي قبيلة من "اليمن", وقيل: إلى جدّه أبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه. ١٢ "دواني على العقائد".
[2]قوله: [يجوز أن يسمعه] وإن لم يكن صوتاً وذلك على خرق العادة, كما أنّ الحقّ سبحانه يرى يوم القيامة على خلاف عادة الدنيا, مع أنه لا شكل له ولا مكان، وبالجملة السمع عنده بخلق الله سبحانه
الإدراكَ في الحاسّة أو النفس, فيجوز في الأصوات وغيرها. ١٢ "ن"
[3]قوله: [ومنعه] لأنّ الضرورة تشهد بأنّ المسموع صوت، والكلام القديم ليس بصوت.
[4]قوله: [أبي منصور الماتريديّ] هو الإمام محمّد بن محمّد بن محمود السمرقنديّ, منسوب إلى "ماتريد", وهي قرية من "سمرقند", وهو رئيس أهل السنّة والجماعة في الأصول الحنفيّة, ولذا تسمّى الأحناف بـ½الماتريديّين¼, والشيخ أبو الحسن الأشعريّ رئيس أهل السنّة في الأصول الشافعيّة, والفرق بينهما قليل مذكور في مقامه. ١٢ كذا في الحواشي.
[5]قوله: [ما يدلّ عليه] أي: يسمع الكلام اللفظيّ الذي يدلّ على الكلام النفسيّ القديم. ١٢
[6]قوله: [فموسى عليه السلام... إلخ] جواب سؤال مقدّر, تقريره أن يقال: لوكان معنى سماع كلام الله تعالى سماع ما يدلّ عليه, فما وجه تخصيص موسى عليه السلام باسم الكليم؟ فإنّ كلّ شخص يسمع ما يدلّ على كلام الله تعالى، فأجاب بأنه سمع صوتاً دالاًّ على كلامه سبحانه, لكن لَمَّا كان بلا واسطة الكتاب والملك, بل على طريق خرق العادة خصّ باسم ½الكليم¼, ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ﴾[القصص: ٣٠]. ١٢