المعتزلة إلى امتناعها؛ لأنهّا توجب النفرة المانعة عن اتّباعهم فتفوت مصلحة البعثة، والحقّ٠[1]٠ منع ما يوجب النفرة كعهر الأمّهات والفجور والصغائر الدالّة على الخسّة، ومنعت الشيعة صدور الصغيرة والكبيرة قبل الوحي وبعده، لكنّهم جوّزوا إظهار الكفر تقيّة٠[2]٠ إذا تقرّر هذا, فما نقل عن الأنبياء عليهم السلام مِمّا يشعر بكذب أو معصية فما كان منقولاً بطريق الآحاد فمردود٠[3]٠، وما كان بطريق التواتر فمصروف عن ظاهره٠[4]٠ إن أمكن، وإلاّ فمحمول على ترك الأولى, أو كونه قبل البعثة، وتفصيل ذلك في الكتب المبسوطة. ٠وأفضل الأنبياء٠[5]٠ محمّد عليه السلام٠ لقوله تعالى:
[1] قوله: [والحقّ... إلخ] عند الشارح بصدد عصمة الأنبياء قبل الوحي, كأنه ردّ على المعتزلة. ١٢
[2] قوله: [تقيّة] أي: خوفاً؛ لأنّ إظهار الإسلام حينئذ إلقاء النفس في التهلكة, و ردّ بأنه يفضي إلى إخفاء الدعوة وترك تبليغ الرسالة بالكليّة؛ إذ أولى الأوقات بالتقيّة ابتداع الدعوة لضعف الداعي وشوكة المخالف, وأيضاً منقوض بدعوة إبراهيم وموسى عليهما السلام في زمن نمرود وفرعون عليهما اللعنة مع شدّة خوف الهلاك، كذا في "شرح المقاصد" و"الخيالي". ١٢
[3] قوله: [فمردود] فقد صرّح غير واحد من الأيِمّة بأنّ نسبة الرواة إلى الكذب أو الخطأ أولى من نسبة الأنبياء إلى المعاصي. ١٢ "ن"
[4] قوله: [فمصروف عن ظاهره] أي: بطريق صرف النبسة إلى غيرهم, فإنّ الحمل على ترك الأولى ونحوه صرف عن الظاهر, وفيه توجيه آخر بحمل العامّ على ما عدا الخاصّ المقابل. ١٢ "خيالي".
[5] قوله: [أفضل الأنبياء... إلخ] لا نزاع فيه بل هذا مِمَّا أجمع عليه, وأمّا قوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم: ½لا تفضّلوني على يونس¼ الحديث, فقال الإمام الشعراني رحمه الله تعالى: هو تواضع منه صلّى الله تعالى عليه وسلّم وإلاّ فهو يعلم أنه أفضل خلق الله تعالى, وذلك ليصحّ له تمام الشكر، فإنّه أشكر خلق الله تعالى لله, ولا يكون ذلك إلاّ بمعرفته كلّ ما أنعم الله به عليه, فافهم، ومعنى الحديث ½لا تفضّلوني من ذوات أنفسكم لجهلكم بالأمر¼ وليس معناه لا تفضّلوني مطلقاً, فإنّه من فضله لتفضيل الله تعالى له فقد أصاب. "اليواقيت". ١٢