أنه لا يعلم ذاته٠[1]٠، والنظَام أنه لا يقدر على خلق الجهل٠[2]٠ والقبح، والبلخي أنه لا يقدر على مثل مقدور العبد٠[3]٠، وعامّة المعتزلة أنه لا يقدر على نفس مقدور العبد٠[4]٠. ٠وله صفات٠ لَمَّا ثبت٠[5]٠ من أنه تعالى عالم قادر حيّ إلى
[1]قوله: [لا يعلم ذاته] ومن أقوى تمسّكاتهم على ما في "شرح المواقف", أنّ العلم نسبة والنسبة لا يكون إلاّ بين الشيئين المتغايرين ونسبة الشيء إلى نفسه محال؛ إذ لا تغاير هناك. والجواب منع كون العلم نسبة محضة, بل هو صفة حقيقة, ذات نسبة إلى المعلوم ونسبة الصفة إلى الذات ممكنة, وإن سلّمناه فلا نسلّم أنّ الشيء لا ينسب إلى ذاته نسبة علميّة, فإنّ التغاير الاعتباريّ كافٍ لتحقّق هذه النسبة. ١٢
[2]قوله: [لا يقدر على خلق الجهل] بناء على زعمهم أنّ خلق القبيح قبيح, ونحن نمنع ذلك, بل القبيح كسب القبيح والاتّصاف به, وسيجيء تفصيله. ١٢
[3]قوله: [لا يقدر على مثل مقدور العبد] واستدلّ البلخيّ على ذلك بأنّ فعل العبد إمّا طاعة مشتملة على مصلحة, أو معصية مشتملة على مفسدة, أو سفه خال عنهما, أو مشتمل على متساويين بينهما, والكلّ محال منه تعالى. والجواب أنّ ما ذكرتموه من صفات الله تعالى اعتبارات بفرض الفعل بالنسبة إلينا, وصدوره بحسب قصدنا ودواعينا. وأمّا فعله تعالى فمنـزّه عن هذه الاعتبارات, فجاز أن يصدر عنه تعالى مثل فعل العبد مجرّداً عنها، فإنّ الاختلاف بالعوارض لا ينافي التماثل في الماهيّة. ١٢ "شرح المواقف".
[4]قوله: [لا يقدر على نفس مقدور العبد] واستدلّوا على ذلك بأنّ المقدور الواحد لا يدخل تحت القدرتين. ويجاب بأنّه يجوز أن يدخل المقدور الواحد تحت القدرتين إذا اختلفت الجهة فهاهنا كذلك، فإنّ المقدور الواحد يدخل تحت قدرة الله تعالى خلقاً وتحت قدرة العبد كسباً, لا خلقاً. ١٢ "ر"
[5]قوله: [لَمَّا ثبت... إلخ] حاصله أنّه قد ثبت بالدلائل القطعيّة أنّ واجب الوجود عالم قادر حيّ إلى غير ذلك، ومعلوم أنّ مفاهيم تلك المحمولات ليست عين مفهوم واجب الوجود, وإلاّ يلزم حمل الشيء على نفسه, فثبت أنهّا زائدة على مفهوم الواجب. ١٢