عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

 

اعلم أنّ الأحكام٠[1]٠ الشرعيّة منها ما يتعلَّقُ بكيفيّة٠[2]٠ العمل، وتُسمَّى فرعيّة وعمليّة٠[3]٠، ومنها ما يتعلّق بالاعتقاد, وتُسمَّى أصليّة واعتقاديّة٠[4]٠. والعلم المتعلِّق بالأولى: يُسمَّى علمَ الشَّرائعِ والأحكَامِ لِمَا أنها٠[5]٠ لاتستفاد


 



[1] قوله: [الأحكام الشرعيّة] للحكم معان ثلاثة: الأوّل: نسبة أمر إلى أمر آخر إيجاباً أو سلباً, أي: نفس النسبة الخبريّة, والثاني: إدراك تلك النسبة بمعنى أنّ النسبة واقعة أو ليست بواقعة, والثالث: خطاب الله تعالى المتعلّق بأفعال العباد بالاقتضاء والتخيير, هذا مصطلح الأصوليّين, وهذا الأخير غير مراد هاهنا وإلاّ يلزم انحصار مسائل الكلام في العلم بالوجوب وإخوانه من الندب وغيره, والمراد من الشرعيّة ما يستفاد من الشرع سواء كان موقوفاً عليه أو لا، كذا في "الخيالي". ١٢

[2] قوله: [بكفيّة العمل] أراد من "العمل" أفعال العباد لا المكلّفين فقط, فإنّ الفقهاء يبحثون عن أفعال الغير المكلّفين أيضاً, كالصبيّ والمجنون مثلاً, إسلام الصبيّ يصحّ أم لا ؟ وتصرّف المجنون يعتبر أم لا  وكيفيّة العمل هي الأعراض الذاتيّة له من الوجوب والندب والحرمة والكراهة والصحّة والفساد, وهذا أولى مِمَّا قال في "شرح المقاصد": حيث جعل الأحكام متعلّقة بالعمل لا بكيفيّته. والأحكام لا تتعلّق بالعمل من حيث هو عمل، بل من حيث كيفيّاته من الوجوب والحرمة والصحّة والفساد. ١٢ "النبراس".

[3] قوله: [فرعيّة وعمليّة] سمّى ½فرعيّة¼ لتفرّعها على الأصول المستخرجة من الكتاب والسنّة والإجماع والقياس، مثلاً الطهارة ليست بشرط في الطواف, هذا الحكم متفرّع على أنّ الخاصّ بيّن بنفسه, لا يحتمل البيان وسمّى ½عمليّة¼ لتعلّق تلك الأحكام بالعمل. ١٢

[4] قوله: [أصليّة واعتقاديّة] أمّا كونها أصليّة؛ فلأنها أصل القسم الأوّل, فإنّ الاعتقاد إن لم يصحّ لا يغني عنه العمل شيئاً, وكونها اعتقاديّةً؛ فلأنّ المقصود منها الاعتقاد, مثلاً عذاب القبر حقّ. ١٢

[5] قوله: [أنها لا تستفاد] نشر على ترتيب اللفّ فهذا وجه التسمية بـ½علم الشرائع¼ ووجه التسمية بـ½علم الأحكام¼. بقي الكلام في أنّ الأحكام لا تستفاد إلاّ من جهة الشرع فهذا عندنا, فإنّ حسن بعض الأفعال وقبحه وإن كان عندنا عقليًّا لا يتوقّف على ورود الشرع, لكنّه لا يستلزم حكماً من الله بل يصير موجباً لاستحقاقه الحكم من الله الحكيم. وأمّا عند المعتزلة فكلّ الأحكام لا يتوقّف على الشرع, بل الحسن العقليّ وكذا القبح العقليّ يوجبان الحكم فلو لا الشارع وكانت الأفعال وفاعلوها لوجبت الأحكام. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388