دلّ كلامه وكلام الله تعالى المنـزّل عليه على أنه خاتم النبيّين٠[1]٠, وأنه مبعوث إلى كافّة الناس بل إلي الجنّ والإنس٠[2]٠, ثبت أنه آخر الأنبياء وأنّ نبوّته لا تختصّ بالعرب, كما زعم بعض النصارى٠[3]٠، فإن قيل: قد ورد في الحديث نـزول عيسى عليه السلام بعده، قلنا: نعم لكنّه يتابع٠[4]٠ محمّداً عليه السلام؛ لأنّ شريعته قد نسخت فلا يكون إليه وحي ونصب الأحكام، بل يكون خليفة رسول الله عليه السلام، ثُمَّ الأصحّ أنه يصلّي بالناس ويؤمّهم ويقتدي
[1] قوله: [خاتم النبيّين] بمعنى: أنه صلّى الله تعالى عليه وسلّم آخر النبيّين, فلا يمكن أن يحدث بعده صلّى الله تعالى عليه وسلّم نبيّ آخر, خلافاً للديوبنديّة، فإنّ إمامهم قاسم النانوتويّ قد زعم أنّ معنى خاتم النبيّين نبيّ بالذات لا آخر الأنبياء وجوّز حدوث نبيّ آخر بعد نبيّنا صلّى الله تعالى عليه وسلّم في كتابه "تحذير الناس", وقد ردّ عليه الإمام أحمد رضا قدّس سرّه وسائر علماء أهل السنّة في كتبهم ولم يتمكّن الديوبنديّة حتى الآن من الجواب, ولن يتمكّنوا حتى يأتي أمر الله. ١٢
[2] قوله: [إلى الجنّ والإنس] بل إلى جميع الخلق كما تقدّم, وقوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم: ½أرسلت إلى الخلق كافّة وختم بي النبيّون¼ رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه, وقال تعالى: ﴿ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّۧنَ ﴾[الأحزاب: ٤٤], وقال تعالى:﴿ وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ ِ﴾[سبا: ٢٨]. ١٢
[3] قوله: [النصارى] وبعض اليهود أيضاً, كما في "شرح العضديّة". ١٢
[4] قوله: [لكنّه يتابع... إلخ] وما روي أنّ عيسى عليه السلام يضع الجزية ويرفعها عن الكفّار ولا يقبل منهم إلاّ الإسلام, مع أنه يجب قبول الجزية في شريعتنا, فوجهه أنه عليه السلام بيّن انتهاء شرعيّة هذا الحكم وقت نزول عيسى عليه السلام, فالانتهاء حينئذ من شريعتنا على أنه يحتمل أن يكون من قبيل انتهاء الحكم لانتهاء علّته, فإنّ علّة قبول الجزية الاحتياج إليه من جهة إعطائها عساكر الإسلام ليحصل لهم استطاعة الجهاد مع الكفّار, وعند نزول عيسى عليه السلام تقرب القيامة وتكثر الأموال حتى لا يقبلها أحد, فلا يحتاج عساكر الإسلام إلى جزية الكفّار كما في سقوط نصيب مؤلّفة القلوب عن مصارف الزكاة بعد ما أعزّ الله تعالى الإسلام, كذا في "الخيالي" وحاشيته. ١٢