عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

وقد يجاب: بأنه٠[1]٠ لا يفيد بمجرده، بل بالنظر إلى الأدلّة الدالّة على كون الإجماع حجّةً. قلنا: وكذلك خبر الرسول٠[2]٠ عليه السلام، ولهذا جعل استدلاليًّا. ٠وأمّا العقل٠ وهو قوّة للنفس٠[3]٠ بها تستعد للعلوم٠[4]٠ والإدراكات٠[5]٠، وهو المعنى بقولهم: غريزة يتبعها العلم بالضروريّات عند سلامة الآلات، وقيل: جوهر٠[6]٠ تدرك به الغائبات


 



[1] قوله: [قد يجاب بأنه] جواب آخر عن النقض بخبر الإجماع, وحاصله أنّ خبر أهل الإجماع خارج عن المقسم؛ إذ المقسم هو الخبر الذي يفيد العلم بمجرّد كونه خبراً, مع قطع النظر عن الدليل, وخبر أهل الإجماع ليس كذلك, بل هو محتاج إلى الدليل فلا يختلّ الحصر؛ لأنّ اختلال الحصر أن يشمله المقسم ولا يشمله الأقسام. ١٢

[2] قوله: [وكذلك خبر الرسول] الظاهر من كلام الشارح قدّس سرّه ردّ للجواب الثاني, بأنّ خبر الرسول أيضاً لا يفيد العلم بمجرّد كونه خبراً, بل لا بدّ له من الاستدلال، ولذا صار العلم الحاصل منه استدلاليّاً, فيلزم أن يخرج خبر الرسول أيضاً من المقسم، ويمكن أن يقال: إنّ غرض المجيب ليس إخراج خبر الإجماع عن المقسم, كما هو المتبادر من كلام الشارح, بل غرضه إدراجه في خبر الرسول؛ لأنّ كون الاجماع حجّة إنما علم بالكتاب والسنّة وقول المجيب بالنظر إلى الأدلّة إشارة إليه. ١٢

[3] قوله: [قوّة للنفس] أراد بالنفس إمّا النفس الناطقة على ما قيل, أو ما يسمّى بالروح في عرف الشرع, والعامّة والمحقّقون على أنه المشار إليه بـ½أنا¼ و½أنت¼, وإنّه العاقل المكلّف بالأحكام الشرعيّة. ١٢

[4] قوله: [للعلوم] أي: المعاني الغير المحسوسة, سواء كانت تصوريّةً أو تصديقيّةً. ١٢

[5] قوله: [والإدراكات] أي: إدراك الجزئيّات المحسوسة، والحاصل أنّ النفس تستعد بالقوّة النظريّة للعـقليّات والحسّـيّات, وبـه يخرج الحواسّ فـلا نـقض بها. قال ابن عـرس: عطف الإدراكات على العلوم إشعار بما عليه الجمهور, من أنّ الإدراك بالحواسّ لا يعدّ علماً. ١٢

[6] قوله: [قيل: جوهر] هذا هو النفس بعينها؛ إذ هي التي يدرك بها الغائبات والمحسوسات جميعاً, وأمّا العقل المغائر للنفس فلا يدرك به إلاّ الغائبات؛ إذ إدراك المحسوسات بالحواس, هذا. لكنّ قوله: ½تدرك به¼ صريح في أنه مغائر للنفس؛ لأنّ النفس مدرك لا مدرك به. اللّهمّ إلاّ أن يقال بالمغايرة الاعتباريّة, أو يجعل الباء زائدةً من قبيل ﴿كَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾[النساء: ٨١]. هذا ملتقط مِمَّا قال العلاّمة عبد الحكيم رحمه الله بهذا الصدد. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388