[البقرة: ٤٨] وقوله تعالى: ﴿ مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ ﴾ [غافر: ١٨]، والجواب بعد تسليم دلالتها على العموم في الأشخاص٠[1]٠ والأزمان والأحوال أنه يجب تخصيصها٠[2]٠ بالكفّار جمعاً بين الأدلّة، ولَمَّا كان أصل العفو والشفاعة ثابتاً بالأدلّة القطعيّة٠[3]٠ من الكتاب والسنّة والإجماع، قالت المعتزلة: بالعفو عن الصغائر مطلقاً، وعن الكبائر بعد التوبة وبالشفاعة لزيادة الثواب، وكلاهما فاسد، أمّا الأوّل فلأنّ التائب ومرتكب الصغيرة المجتنب عن الكبيرة لا يستحقّان العذاب عندهم، فلا معنى للعفو٠[4]٠، وأمّا الثاني فلأنّ النصوص دالّة على الشفاعة بمعنى طلب العفو٠[5]٠ من الجناية
[1]قوله: [العموم في الأشخاص... إلخ] أي: لا نسلّم أنّ الآية تدلّ على نفي الشفاعة عن كلّ شخص, بل المراد منها الكافرون, وإن سلّمناه فلا نسلّم أنهّا تدلّ على النفي في كلّ زمان, بل يجوز أن لا تقبل الشفاعة في زمن خاصّ كالوقت الذي لا يؤذن فيه بالشفاعة, وإن سلّمناه فلا نسلّم دلالتها على النفي في كلّ حال, بل يجوز أن يكون عدم نفع الشفاعة خاصًّا ببعض الأحوال كما إذا صدر الحكم القطعيّ بإدخال النار. ١٢ كذا يستفاد من النبراس.
[2]قوله: [يجب تخصيصها... إلخ] أي: بعد تسليم جميع ما تقدّم نقول: إنّ الآية من العامّ المخصوص منه البعض وهم المشفوع لهم. ١٢
[3]قوله: [بالأدلّة القطعيّة] بحيث لم يمكنهم إنكار أصل الشفاعة. ١٢
[4]قوله: [فلا معنى للعفو] لأنّ ½العفو¼ هو الصفح والتجاوز عمّن يستحقّ العذاب. ١٢
[5]قوله: [طلب العفو... إلخ] فلا يصحّ حمل تلك النصوص على الشفاعة لرفع الدرجات, وقد أثبت
الإمام النوويّ رحمه الله تعالى في "شرح مسلم" لنبيّنا صلّى الله تعالى عليه وسلّم أنواعاً خمسة من الشفاعة. ١٢