بالتحميل هو التكليف، بل إيصال ما لا يطاق من العوارض٠[1]٠ إليهم، وإنما النـزاع في الجواز فمنعته المعتزلة بناء على القبح العقليّ٠[2]٠، وجوّزه الأشعريّ؛ لأنه لا يقبح من الله تعالى شيء٠[3]٠، وقد يستدلّ بقوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا ﴾[البقرة: ٢٨٦] على نفي الجواز٠[4]٠، وتقريره: أنه٠[5]٠ لو كان جائزاً لَمَا لزم من فرض وقوعه محال، ضرورة أنّ استحالة اللازم توجب استحالة الملزوم تحقيقاً لمعنى اللزوم٠[6]٠، لكنّه لو وقع لزم كذب كلام الله تعالى وهو محال، وهذه نكتة٠[7]٠ في بيان استحالة كلّ ما
[1]قوله: [من العوارض] أي: الحوادث كالقحط والمرض وغيره من الأمور, نزلت على الأمم السابقة. ١٢
[2]قوله: [القبح العقليّ] يقولون: إنّ تكليف العاجز قبيح عند العقل, فإنّ من كلّف الأعمى لرؤية المصاحف, والزمن للمشي إلى أقصى البلاد, وعبده لطيران السماء عُدّ سفيهاً و قبح ذلك في بداهة العقول. ١٢
[3]قوله: [لأنّه لا يقبح من الله شيء] هذا أصل عظيم عند الأشعريّ مستدلاًّ بأنّه المالك, فله التصرّف في خلقه كما شاء. ١٢ "ن"
[4]قوله: [نفى الجواز] أي: جواز التكليف بما لا يطاق: ١٢
[5]قوله: [تقريره أنّه... إلخ] وقد يورد على هذا التقرير نقض إجماليّ, حاصله: أنّ دليلكم بجميع مقدّماته باطل: لأنّه قد يتخلّف الحكم عنه في مادّة مثل أبي لهب, حيث وقع التكليف بالإيمان فضلاً عن الجواز مع جريان الدليل فيه, بأن يقال: إنّه لو كان جائزا لَمَا لزم من فرض وقوعه محال لكنّه يلزم؛ لأنّه يستلزم الكذب في كلام الله تعالى, حيث أخبر عنه بأنّه لا يؤمن، هكذا في "الخيالي" وحاشيته, ولا يخفى عليك أنّ الكلام في القسم الأوّل والثاني, وهذه المسئلة من القسم الثالث الذي هوخارج عن البحث. ١٢
[6]قوله: [تحقيقاً لمعنى اللزوم] فإنّ اللازم لو كان محالاً والملزوم ممكناً لجاز انفكاك الملزوم عن اللازم, وهو منافٍ لتحقّق اللزوم. ١٢
[7]قوله: [نكتة] أي: شيء غريب من قبيل المغالطات. ١٢