الثانية فلأنّ ما لا يخلو عن الحادث لو ثبت في الأزل لزم ثبوت الحادث في الأزل وهو محال. وهاهنا أبحاث: الأوّل: أنّه لا دليل٠[1]٠على انحصار الأعيان في الجواهر والأجسام، وأنّه يمتنع وجود ممكن يقوم بذاته ولا يكون متحيّزاً أصلاً، كالعقول والنفوس المجرّدة٠[2]٠ التي يقول بها الفلاسفة، والجواب٠[3]٠: أنّ المدّعى حدوث ما ثبت وجودُه من الممكنات، وهو الأعيان المتحيّزة والأعراض؛ لأنَّ أدلّة وجود المجرّدات غير تامّة٠[4]٠ على ما بيّن في المطوّلات، الثاني٠[5]٠: أنّ ما ذكر لا يدلّ على حدوث جميع الأعراض؛ إذ منها ما لايدرك بالمشاهدة حدوثه ولا حدوث أضداده، كالأعراض القائمة بالسموات من الأضواء والأشكال والامتدادات،
[1]قوله: [لا دليل] أي: دليل يدلّ على انحصار الأعيان في الجواهر والأجسام, ولا دليل على أنّه يمتنع وجود ممكن يقوم بذاته ولا يكون متحيّزاً أصلاً, فلا يصحّ حصر الأعيان في الجواهر والأجسام. ١٢
[2]قوله: [النفوس المجرّدة] والاستدلال بأنّ المجرّد يشاركه الباري تعالى في التجرّد, فيمتاز عنه بقيد آخر, فيلزم تركيب الباري سبحانه مِمَّا به الاشتراك ومِمَّا به الامتياز, ليس بشيء؛ إذ الاشتراك في العوارض سيِّما السلبيّة لا يستلزم التركيب على أنّه يجوز أن يمتاز بتعيّن عدميّ, كما هو مذهب المتكلّمين. ١٢ "خ" بزيادة.
[3]قوله: [والجواب] جواب على تحرير المدّعى حاصله أنّ المقصود إثبات الواجب سبحانه وتعالى وتوحيده وصفاته, وحدوث ماثبت وجوده يكفي لهذا المقصود وهو المدّعى. ١٢
[4]قوله: [غير تامّة] كما أنّ أدلّة نفيها كذلك غير تامّة, منها ما سبق آنفاً. ١٢ "خ" التقاطاً.
[5]قوله: [الثاني] إيراد على قوله: ½أمّا الأعراض فبعضها... إلخ¼ تقريره أنّ المطلوب هاهنا إثبات حدوث العالم بجميع أجزائه, فلا بدّ من إثبات حدوث جميع الأعراض, والدليل السابق لاينتهض إلاّ على إثبات حدوث ما شوهد من الأعراض حدوثه وأدرك عدمه. ١٢