أدلّته صار كأنه هو الكلام دون ما عداه من العلوم، كما يقال للأقوى من الكلامين: ½هذا هو الكلام¼، ولأنه لابتنائه على الأدلّة القطعيّة المؤيّد أكثرها بالأدلّة السمعيّة, كان أشدّ العلوم تأثيراً في القلب وتغلغلاً فيه، فسُمّي بـ½الكلام¼ المشتقّ٠[1]٠ من ½الكَلِم¼ وهو الجرح، وهذا٠[2]٠ هو كلام القدماء، ومعظّمُ خلافياته مع الفِرَق٠[3]٠ الإسلاميّة خصوصاً المعتزلة٠[4]٠؛ لأنهم أوّل فرقة أسّسوا قواعد الخلاف لِمَا ورد به ظاهر السنّة, وجرى عليه جماعة الصحابة
[1] قوله: [المشتقّ من الكلم] أي: ½الكلم¼ معناه في اللغة الجرح, وهو يسلتزم التأثير، فسمّي هذا العلم بـ½الكلام¼ المشتقّ من الكلم, فأنه أشدّ العلوم تأثيراً في القلب ودخولاً فيه. ١٢
[2] قوله: [هذا هو] أي: الكلام الذي يبتني على الأدلّة القطعيّة المؤيّد أكثرها بالأدلّة السمعيّة بغير اختلاط بالحكمة الفلسفيّة, وهو ½علم الكلام¼ في تدوين القدماء, فإنهم إنما اكتفوا على بيان أحكام توحيد الله تعالى وصفاته و ردّ مذاهب أهل البدع والأهواء كالمعتزلة والشيعة، ولم يتعرّضوا لردّ الفلسفة. ١٢
[3] قوله: [الفرق الاسلاميّة] يعني: أنّ أكثر خلافيات مسائل علم الكلام مع الفرق التي ينتسبون إلى الإسلام, ويتمسّكون بالكتاب والسنّة, كالروافض والخوارج والمعتزلة وهم اثنتان وسبعون على ما قال النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم: ½ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقةً, كلّهم في النار إلاّ ملّة واحدة, فقيل له. ما الواحدة؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي¼ رواه الحاكم في "المستدرك", وللحديث أسانيد كثيرة بألفاظ متقاربة. ١٢
[4] قوله: [المعتزلة] قال في "الملل والنحل": المعتزلة ويسمّون ½أصحاب العدل والتوحيد¼ ويلقّبون بـ½القدريّة¼, ويقولون: بأنّ الله تعالى قديم, والقدم أخصّ وصف ذاته, ونفوا الصفات القديمة أصلاً, وسمّوا هذا النمط توحيداً, واتّفقوا على أنّ العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرّها, والربّ تعالى منـزّه أن يضاف إليه شرّ وظلم وفعل هو كفر ومعصية؛ لأنه لو خلق الظلم كان ظالماً, واتّفقوا على أنّ الحكيم لا يفعل إلاّ الصلاح والخير, ويحب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد, وعلى ذلك لهم معتقدات فاسدة سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى. ١٢