بين الناس إلى أن قال الشيخ٠[1]٠ أبو الحسن الأشعريّ لأستاذه أبي عليّ الجبائيّ: ½ما تقول في ثلاثة إخوة مات أحدهم مطيعاً, والآخر عاصياً, والثالث صغيراً؟¼ فقال: ½إنّ الأوّل يثاب في الجنّة، والثاني يعاقب بالنار، والثالث لا يثاب٠[2]٠ ولا يعاقب¼، فقال الأشعريّ: ½فإن قال الثالث: يا ربّ لِمَا أمتّني صغيراً, وما أبقيتني إلى أن أكبر فأومن بك, وأطيعك فأدخل الجنّة, فماذا يقول الربّ؟¼ فقال: ½يقول الربّ: إنّي كنتُ أعلم منك أنّك لو كبرت لعصيت فدخلت النار، فكان٠[3]٠ الأصلح لك أن تموت صغيراً¼، قال الأشعريّ: ½فإن قال الثاني: يا ربّ لِمَ لم تمتني صغيراً؟ لئلاّ أعصي لك فلا أدخل النار, فماذا يقول الربّ ؟¼ فبهت الجبائيّ، وترك الأشعريّ مذهبَه,
[1] قوله: [الشيخ أبو الحسن] هو عليّ بن إسماعيل بن إسحاق, من نسل سيّدنا أبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه, صاحب رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم, والشيخ أبو الحسن الأشعريّ رئيس المتكلّمين من أهل السنّة ولذلك يسمّون بـ½الأشاعرة¼. ١٢
[2] قوله: [لا يثاب ولا يعاقب] أي: لا يثاب في الجنّة ولا يعاقب في النار في "حاشية الخيالي", لا يقال: لا واسطة بين الجنّة والنار عندهم, وعدم الثواب والعقاب في الجنّة والنار ينافي كونهما داري ثواب وعقاب؛ لأنّا نقول: معنى كونهما داري ثواب وعقاب أنهما محلّ للثواب والعقاب؛ لأنّ كلّ من دخلهما يثاب أو يعاقب, ولو سلّم فهو بالنسبة إلى أهل الثواب والعقاب وهم المكلّفون عندهم, وقد نصّ المعتزلة بأنّ أطفال المشركين خدّام أهل الجنّة بلا ثواب وعقاب، فالمراد بقوله: ½فأدخل الجنّة¼ دخولاً مثاباً بها أو مستحقًّا لها. ١٢
[3] قوله: [فكان الأصلح] لأنّ الأصلح للعبد واجب على الله تعالى أن يعطيه عند المعتزلة, ولو لم يعطه مع أنه لا يتضرّر به والعبد ينتفع به لكان الله تعالى بخيلاً عندهم على ما سيأتي من تشبّثاتهم إن شاء الله تعالى. ١٢