عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

المجوسيّ: فأنا أكون مع الشريك الأغلب٠[1]٠، وحكي أنّ القاضي عبد الجبار الهمدانيّ٠[2]٠ دخل على الصاحب ابن عباد٠[3]٠ وعنده الأستاذ أبو إسحاق٠[4]٠ الأسفرائنيّ، فلمّا رأى الأستاذ قال: سبحان من٠[5]٠ تنـزّه عن الفحشاء، فقال الأستاذ٠[6]٠ على الفور: سبحان من لا يجري في ملكه إلاّ ما يشاء، والمعتزلة اعتقدوا أنّ الأمر يستلزم الإرادة, والنهي عدم الإرادة، فجعلوا إيمان الكافر مراداً وكفره غير مراد، ونحن نعلم أنّ الشيء قد لا يكون مراداً٠[7]٠ ويؤمر به، وقد يكون مراداً وينهى عنه لحِكم ومصالح يحيط بها علم الله تعالى، أو؛ لأنه لا يسئل عمّا يفعل، ألا يرى أنّ السيّد إذا أراد أن يظهر على الحاضرين عصيان عبده, يأمره بالشيء ولا يريده منه، وقد يتمسّك من الجانبين بالآيات٠[8]٠، وباب التأويل مفتوح على الفريقين. ٠وللعباد أفعال


 



[1] قوله: [مع الشريك الأغلب] وهو الشيطان ويروي أنّ عمرو بن عبيد رجع عن مذهبه بعد هذا الإلزام, كذا يفهم من بعد الحواشي. ١٢

[2] قوله: [القاضي عبد الجبّار الهمدانيّ] هو شيخ أهل الاعتزال, كذا في الحواشي. ١٢ "ن"

[3] قوله: [الصاحب ابن عباد] كان وزيراً لعضد الدولة, أحد الملوك العظام من آل بُوَيْه. ١٢

[4] قوله: [الأستاذ أبو إسحاق] أحد من أيِمّة أهل السنّة. ١٢

[5] قوله: [قال سبحان من... إلخ] يعني: طعن القاضي على الأستاذ, بحيث إنّ المعتزلة لا يقولون بإسناد القبائح إلى الله تعالى من جهة التخليق والإرادة, والأشاعرة يقولون به. ١٢

[6] قوله: [فقال الأستاذ... إلخ] في جوابه: إنّ مذهبكم أنّ كفر الكافر بدون إرادة الله تعالى ومشيئته, مع أنه لا يجري في ملكه تعالى إلاّ ما يشاء. ١٢

[7] قوله: [قد لا يكون مراداً... إلخ] فلا يكون الأمر بالشيء مستلزماً للإرادة. ١٢

[8] قوله: [بالآيات] أمّا من جانبنا أهل السنّة فقد قدّمنا ذكرها فيما سبق, وأمّا من جانب المعتزلة فكقوله

تعالى: ﴿ سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا ﴾[الأنعام: ١٤٨], وقوله تعالى: ﴿ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعِبَادِ ﴾[غافر: ٣١] إلى غير ذلك من الآية, وجوابهم على وجه تامّ مذكور في الكتب المطوّلات, مثلاً "شرح المواقف" وغيره. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388