عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

نفس القدرة، فالكافر قادر على الإيمان المكلّف به إلاّ أنه صرف قدرته إلى الكفر وضيّع باختياره صرفها إلى الإيمان، فاستحقّ الذمّ والعقاب، ولا يخفى أنّ٠[1]٠ في هذا الجواب تسليماً لكون القدرة قبل الفعل؛ لأنّ القدرة على الإيمان في حال الكفر تكون قبل الإيمان لا محالة، فإن أجيب٠[2]٠ بأنّ المراد أنّ القدرة وإن صلحت للضدّين لكنّها من حيث التعلّق بأحدهما لا تكون إلاّ معه حتى أنّ ما يلزم مقارنتها للفعل هي القدرة المتعلّقة بالفعل وما يلزم مقارنتها للترك هي القدرة المتعلّقة به، وأمّا نفس القدرة فقد تكون متقدمّة متعلّقة بالضدّين، قلنا: هذا٠[3]٠ مِمَّا لا يتصوّر فيه نزاع٠[4]٠ أصلاً، بل هو


 



[1] قوله: [لا يخفى أن... إلخ] أي: هذا الجواب وإن كان يدفع إلزام الخصم علينا من لزوم تكليف العاجز, لكنّه مبنيّ على تسليم مدّعاه من أنّ القدرة قبل الفعل. ١٢

[2] قوله: [فإن أجيب... إلخ] عن لزوم تسليم مدّعى الخصم, حاصل الجواب: أنّ القدرة المطلقة سابقة على الفعل, لكنّ القدرة المقيّدة بتعلّق الفعل أو الترك مقارنة للفعل أو الترك, ومدار التكليف القدرة المطلقة, فلا يلزم تكليف العاجز, وما قلنا: من أنّ الاستطاعة مع الفعل, فأردنا منها القدرة المتعلّقة بالفعل أو الترك, وحينئذ لا يلزم تسليم مدّعى الخصم. ١٢

[3] قوله: [هذا] أي: كون القدرة المطلقة قبل الفعل, والقدرة من حيث التعلّق مع الفعل. ١٢

[4] قوله: [لا يتصوّر فيه نزاع] لأنّ المعتزلة يعترفون بأنّ القدرة من حيث التعلّق بالفعل مقارنة له, إنما الكلام في القدرة المطلقة, ومقارنتها للفعل لم تثبت حتى الآن, فالأوجه في الجمع بين القولين ما قال الإمام الرازيّ الذي نقله صاحب "المواقف" ومال إليه الشارح سابقاً من أنّ القدرة تطلق على مجرّد القوّة التي هي مبدأ الأفعال المختلفة الحيوانيّة, وهي القوّة العضليّة التي بحيث متى انضمّ إليها إرادة أحد الضدّين حصل ذلك الضدّ, ومتى انضمّ إليها إرادة الضدّ الآخر حصل ذلك الآخر, ولا شكّ أنّ نسبة هذه القوّة إلى الضدّين سواء, وهي قبل الفعل والقدرة تطلق على القوّة المستجمعة لشرائط التأثير, ولاشكّ أنهّا لا تتعلّق بالضدّين معاً, وإلاّ اجتمعا في الوجود وهي مع الفعل. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388