أنهما ملكان لم يصدر عنهما كفر٠[1]٠ ولا كبيرة، وتعذيبهما إنما هو على وجه المعاتبة كما يعاتب الأنبياء على الزلّة والسهو، وكانا يعظان الناس ويقولان: ﴿ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُر ﴾[البقرة: ١٠٢] ولا كفر في تعليم السحر، بل في اعتقاده والعمل به. ٠ولله تعالى كتب٠[2]٠ أنـزلها على أنبيائه وبيّن فيها أمره ونهيه ووعده ووعيده٠ وكلّها كلام الله تعالى وهو واحد٠[3]٠،
[1] قوله: [لم يصدر عنهما كفر... إلخ] أمّا الآثار المرويّة في قصّة زهرة, فقد قال القاضي عياض في "الشفا": إنّ هذه الأخبار لم يروى منها شيء لا سقيم و لا صحيح عن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم, و إنما رويت عن علماء اليهود و النصارى, و كذا قاله البيضاويّ في تفسيره, ولكنّ من علمائنا من صحّحه عن النبيّ, منهم الإمام الغزالي والعلاّمة ابن حجر الهيتمي وقد أخرجه الإمام أحمد بن حنبل عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما, وقال العلاّمة عليّ القاري في "شرح الشفاء": وقد قيل لهذه القصّة طرق تفيد العلم لصحّتها, فالجواب: الصواب أنّ الكلام في عصمة الملائكة الكرام, وهذان قد خرجا عن صفة الملائكة بإلقاء نعت البشرية من الشهوة النفسيّة عليهما, ابتلاء لهما في القضيّة. ١٢
[2] قوله: [ولله تعالى كتب... إلخ] ذكر أبو معين النسفيّ في عقائده: نزل على شيث بن آدم خمسون صحيفة, وعلى إدريس ثلاثون وعلى إبراهيم عشر و على موسى قبل غرق فرعون عشر، ثُمَّ أنزل عليه ½التوراة¼, وعلى عيسى ½إنجيل¼ وعلى داود ½الزبور¼ وعلى نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم ½القرآن¼, وذكر بعضهم على آدم عشر بدل عشر موسى, وقال وهب بن منبّه: على إبراهيم عشرين ولم يذكر عشر موسى، وعدد الكتب على الروايات مائة وأربع, لكنّ الأفضل أن لا يحصر العدد, كما في الأنبياء؛ لأنّ هذه الروايات ليس لها سند قويّ. ١٢ "ن"
[3] قوله: [وهو واحد... إلخ] أي: الكلّ متّحد من حيث إنّه كلام الله تعالى وإن تفاوت من حيثيّة خصوصيّات النظم المقروّ, فعطف التفاوت على التعدّد قريب من العطف التفسيريّ, ولك أن تقول: كلّها كلام الله تعالى, أي: دالّ عليه, فمعنى الوحدة ظاهر, والأوّل أنسب بقوله, كما أنّ القرآن كلام واحد. ١٢"خيالي"