كسب، كمن وقع بصره على جسم فحصل له معرفة أنه جدار أو حجر، وهذا ما ذكره بعض المحقّقين من أنّ التصديق هو أن تنسب باختيارك الصدق إلى المخبر حتى لو وقع ذلك في القلب من غير اختيار لم يكن تصديقاً٠[1]٠ وإن كان معرفة، وهذا٠[2]٠ مشكل؛ لأنّ التصديق من أقسام العلم وهو من الكيفيّات النفسانيّة٠[3]٠ دون الأفعال الاختياريّة؛ لأنّا إذا تصوّرنا النسبة بين الشيئين, وشككنا في أنهّا بالإثبات أو النفي, ثُمَّ أقيم البرهان على ثبوتها, فالذي يحصل٠[4]٠ لنا هو الإذعان والقبول لتلك النسبة، وهو معنى التصديق والحكم والإثبات والإيقاع، نعم تحصيل٠[5]٠ تلك الكيفيّة يكون بالاختيار في مباشرة الأسباب وصرف النظر ورفع الموانع ونحو ذلك، بهذا الاعتبار٠[6]٠ يقع التكليف بالإيمان، وكان هذا هو المراد بكونه كسبيّاً اختياريّاً،
[1] قوله: [تصديقاً] بل يحتاج إلى تحصيله مرّة أخرى بالكسب, كما قاله في "شرح المقاصد": إنّه قد يكون لمباشرة أسبابه بالاختيار, كإلقاء الذهن وهو صرف النظر وتوجيه الحواسّ وما أشبه, وقد يكون بدونه, والمأمور به من الأوّل. ١٢ "نظم"
[2] قوله: [وهذا] أي: كون التصديق فعلا اختياريّا. ١٢
[3] قوله: [النفسانيّة] المختصّة بذوات الأنفس, فهو من مقولة الكيف لا من مقولة الفعل. ١٢
[4] قوله: [فالذي يحصل] حاصله أنّ المقصود هو مطلوب التحصيل, وما هو إلاّ ما يحصل بالمبادي, وما هو إلاّ الإذعان أو قبول العقد وربط القلب به أو العلم بالنسبة على نمط المطابقة للواقع. ١٢ "نظم"
[5] قوله: [نعم تحصيل] شروع في الجواب عن الأشكال المذكور، وحاصله أنه ليس المراد بكون التصديق اختياريّاً أن يكون من نوع العرض المسمّى بمقولة الفعل, بل أن يكون طريق كسبه فعلاً اختياريّاً, وهذا لا ينافي كون المكسوب من مقولة الكيف. ١٢ "ن"
[6] قوله: [وبهذا الاعتبار] أي: باعتبار أنّ تحصيل تلك الكيفيّة اختياريّ يقع التكليف, وهذا لا ينافي كون
تلك الكيفيّة نفسها من مقولة الكيف, فإنّ التكليف بالشيء بحسب نفسه غير التكليف به بحسب تحصيله؛ لأنّ تكليف الشيء بحسب نفسه يقتضي أن يكون نفس ذلك الشيء مقدورا للعبد, بخلاف التكليف بالشيء بحسب التحصيل, فإنّه يقتضي أن يكون تحصيله مِمَّا تتعلّق به القدرة, وذلك بأن يكون الأسباب المفضية إليه مقدورة سواء كان نفسه مقدوراً أو لا, كذا يحصل من "الخيالي". ١٢