وحقيقة العصمة٠[1]٠ أن لا يخلق الله تعالى في العبد الذنب مع بقاء قدرته واختياره، وهذا معنى قولهم: هي لطف من الله تعالى يحمله على فعل الخير ويزجره عن الشرّ مع بقاء الاختيار تحقيقاً للابتداء، ولهذا٠[2]٠ قال الشيخ أبو منصور الماتريديُّ رحمه الله: العصمة لا تزيل المحنة، وبهذا يظهر فساد قول من قال: إنهّا خاصية في نفس الشخص أو في بدنه يمتنع بسببها صدور الذنب عنه، كيف ولو كان الذنب ممتنعاً لِمَا صحّ تكليفه٠[3]٠ بترك الذنب ولَمَّا كان مثاباً عليه٠[4]٠. ٠ولا أن يكون أفضل٠[5]٠ من أهل زمانه٠؛ لأنّ المساوي في الفضيلة بل المفضول الأقلّ علماً وعملاً ربمّا كان أعرف بمصالح الإمامة ومفاسدها, وأقدر على القيام٠[6]٠ بمواجبها خصوصاً إذا كان نصب المفضول أدفع للشرّ وأبعد عن إثارة الفتنة، ولهذا جعل عمر رضي
[1] قوله: [وحقيقة العصمة... إلخ] معناه أنّ مآلها وغايتها ذلك, وأمّا تعريفها: فهي ملكة اجتناب المعاصي مع التمكّن منها, وقد يعبّر عن تلك الملكة باللطف لحصولها بمحض لطف الله تعالى وفضل منه, لا يخفى أنّ من ليس له تلك الملكة لا يلزم أن يكون عاصياً بالفعل. ١٢"خيالي"
[2] قوله: [ولهذا] أي: لأجل اشتراط بقاء القدرة والاختيار في معنى العصمة. ١٢
[3] قوله: [لَمَّا صحّ تكليفه] إذ لا تكليف بترك الممتنع. ١٢
[4] قوله: [لِمَا كان مثاباً عليه] إذ لا مدح ولا ثواب بترك ما هو ممتنع؛ لأنه ليس مقدوراً داخلاً تحت الاختيار. ١٢
[5] قوله: [ولا أن يكون أفضل... إلخ] خلافاً للإماميّة هم يزعمون أنّ إمامة المفضول مع وجود الفاضل قبيحة عقلاً, كذا في "المواقف". ١٢
[6] قوله: [أقدر على القيام... إلخ] لأنّ أعظم مدار السلطنة هو على المهارة بأمور الدنيا, لا على المهارة بالعلم الشرعيّ وكثرة العبادة. ١٢