٠والمحدث للعالم هو الله تعالى٠ أي: الذات الواجب٠[1]٠ الوجود الذي يكون وجوده من ذاته٠[2]٠، ولا يحتاج إلى شيء أصلاً٠[3]٠؛ إذ لو كان جائز الوجود٠[4]٠ لكان من جملة العالم، فلم يصلح محدثاً٠[5]٠ للعالم ومبدأ له، مع أنّ العالَم اسم لجميع ما يصلح علماً٠[6]٠ على وجود له، وقريب من هذا٠[7]٠ ما يقال: إنّ مبدأ الممكنات بأسرها لا بدّ أن يكون واجباً؛ إذ لو كان ممكناً لكان من جملة الممكنات، فلم يكن مبدء لها، وقد يتوهّم٠[8]٠ أنّ هذا دليل
[1] قوله: [أي: الذات الواجب] لم يقل أي: الواجب الوجود؛ لأنّ الاسم الشريف إنما مدلوله الذات المتعالية لا المفهوم. ١٢ "ابن عرس".
[2] قوله: [وجوده من ذاته] أي: ذاته مستقلّة في وجوده. ١٢
[3] قوله: [إلى شيء أصلاً] أي: لا يحتاج إلى شيء منفصل عن ذاته, لا في ذاته ولا في صفاته؛ إذ المحتاج هو الممكن. ١٢
[4] قوله: [جائز الوجود] أراد بـ½الجائز¼ الجائز المباين المغاير للواجب, فلا يرد بأنّ الصفات الإلهيّة مِمَّا يجوز وجوده, وليست من جملة العالم. ١٢
[5] قوله: [فلم يصلح محدِثاً] لأنّه يلزم كونه علّة لنفسه في بعض الحواشي قوله: ½لم يصلح محدثاً للعالم¼ إشارة إلى مذهب أهل الحقّ من استناد كلّ المحدثات إليه تعالى ابتداء, وقوله: ½أو مبدأ له¼ إشارة إلى مذهب الفلاسفة من استناد الممكنات بعضها إلى بعض, حتى ينتهي إليه تعالى، والتلخيص أنّه لو كان جائز الوجود لم يصلح أن يكون صانعاً للعالم على المذهبين. ١٢
[6] قوله: [ما يصلح عَلماً] أي: علامة ودليلاً على وجود المبدأ له, والشيء لا يدلّ على نفسه, فلا يكون مبدأ ومدلولاً؛ إذ لا يكون حينئذ من العالم فيلزم التناقض. ١٢ "خيالي".
[7] قوله: [قريب من هذا] أي: من قولنا: ½لو كان جائز الوجود لكان من جملة العالم¼, والمراد أنّ حاصل الدليلين واحد, إلاّ أنّ الأوّل بطريق الحدوث والثاني بطريق الإمكان. ١٢ "ن"
[8] قوله: [قد يتوهّم] ليت شعري كيف نسب هذا التوهّم بعض المحشّين إلى صاحب "المواقف" وهو برئ منه, بل قد صرّح بأنّ هذا الوجه مختصّ بالتسلسل, إلاّ أنّه قال فيما بعد: ½إنما يتمّ هذا الوجه إذا
أثبتنا الواجب الوجود بطريق لا يحتاج فيه إلى إبطال التسلسل وإلاّ لزم الدور¼. ١٢