عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

تدقيقات الفلاسفة٠[1]٠، فإنّهم لَمَّا وجدوا بعض الإدراكات حاصلة عقيب استعمال الحواسّ الظاهرة التي لا شكّ فيها، سواء كانت من ذوي العقول أو غيرهم، جعلوا الحواسَّ أحد الأسباب٠[2]٠. ولَمَّا كان معظّم المعلومات الدينيّة٠[3]٠ مستفاداً من الخبر الصادق٠[4]٠ جعلوا سبباً آخر. ولَمّا لم يثبت عندهم الحواسّ الباطنة المسمّاة بـ½الحسّ المشترك والخيال والوهم¼ وغير ذلك, ولم يتعلّق لهم غرض بتفاصيل الحدسيّات والتجربيّات والبديهيّات والنظريّات، وكان مرجع الكلّ إلى العقل٠[5]٠, جعلوه سبباً ثالثاً يفضي إلى العلم بمجرد التفات, أو بانضمام حدس, أو تجربة, أو ترتيب مقدّمات، فجعلوا السبب في العلم بأنّ لنا جوعاً٠[6]٠ وعطشاً, وأنّ الكلّ أعظم من


 



[1] قوله: [عن تدقيقات الفلاسفة] أي: تدقيقاتهم المبنيّة على الأصول الفاسدة مِمَّا لا يفتقر إليه. ١٢

[2] قوله: [أحد الأسباب] يعني: أنّ الحسّ لظهوره وعمومه يستحقّ أن يعدّ أحد أسباب العلم الإنسانيّ, فقوله: سواء كانت إشارة إلى عمومه. ١٢ "خيالي".

[3] قوله: [معظّم المعلومات الدينيّة] إنما قال: ½معظّم المعلومات¼ لا ½كلّها¼، فإنّ بعض المعلومات الدينيّة, كوجود الواجب تعالى مِمَّا يستقلّ به العقل, حتى وجب الإيمان بالله تعالى على الساكن في شاهق الجبل بعد مُضيّ مدّة التأمّل. ١٢

[4] قوله: [الخبر الصادق] وإن كان داخلاً في إدراك الحواسّ لكون طريقه السمع, والمراد منه الكتاب والسنّة, أمّا الإجماع والقياس فحجّيتهما إنما تستند إلى الكتاب والسنّة. ١٢

[5] قوله: [مرجع الكلّ إلى العقل] فإنّ الحدس والتجربة والنظر كلّها من آثار العقل, وليست من الأسباب المستقلّة الوجود, بخلاف الحواسّ الظاهرة فإنها مستقلّة الوجود, وإن لم تستقلّ في الإدراك. ١٢

[6]قوله: [جوعاً] هو من الوجدانيّات.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388