على الحنابلة والكراميّة القائلين بأنّ كلامه عرض من جنس الأصوات والحروف، ومع ذلك فهو قديم٠[1]٠. ٠وهو٠ أي: الكلام ٠صفة٠ أي: معنى قائم بالذات ٠منافية للسكوت٠ الذي هو ترك التكلّم مع القدرة عليه، ٠والآفة٠ التي هي عدم مطاوعة الآلات, إمّا بحسب الفطرة كما في الخرس أو بحسب ضعفها وعدم بلوغها حدّ القوّة كما في الطفوليّة. فإن قيل٠[2]٠: هذا إنما يصدق على الكلام اللفظيّ دون الكلام النفسيّ؛ إذ السكوت والخرس إنما ينافي التلفّظ، قلنا: المراد السكوت والآفة الباطنيتان، بأن لا يدبّر في نفسه التكلّم٠[3]٠ أو لا يقدر على ذلك٠[4]٠، فكما أنّ الكلام لفظيّ ونفسيّ فكذا ضدّه، أعني: السكوت والخرس. ٠والله تعالى متكلّم بها آمر وناه ومخبر٠ يعني: أنه صفة واحدة٠[5]٠ تتكثّر بالنسبة إلى الأمر والنهي
[1] قوله: [ومع ذلك فهو قديم] هذا عند الحنابلة, وأمّا الكراميّة فهم وافقوا الحنابلة في أنّ كلامه تعالى حروف وأصوات, وسلّموا أنهّا حادثة, لكنّهم زعموا أنهّا قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث به. ١٢
[2] قوله: [فإن قيل] حاصل السؤال أنّ كون الكلام صفة منافية للسكوت والآفة إنما يصدق على الكلام اللفظيّ دون الكلام النفسي؛ إذ السكوت والخرس إنما ينافيان التلفّظ, لا ما يجده المتكلّم في نفسه من المعنى, مع أنّ البحث في الكلام النفسيّ لا الكلام اللفظيّ. ١٢
[3] قوله: [بأن لا يدبّر في نفسه التكلّم] هذا سكوت باطنيّ. ١٢
[4] قوله: [أو لايقدر على ذلك] أي: على تدبير التكلّم, وهذا آفة باطنيّة. ١٢
[5] قوله: [صفة واحدة] لأنهّا لو تعدّدت لاستندت إلى الذات, إمّا بالاختيار وإمّا بالإيجاب, وهما باطلان. أمّا الأوّل: فلأنّ القديم لا يستند إلى المختار, وأمّا الثاني: فلأنّ نسبة الموجب إلى جميع الأعداد سواء, فيلزم وجود قدر لا يتناهى. ١٢ "شرح مواقف".