استحقاق الثواب على الفعل والعقاب على الترك والنهي على العكس٠[1]٠، وحاصل الاستخبار الخبر عن طلب الإعلام، وحاصل النداء الخبر عن طلب الإجابة، وردّ٠[2]٠ بأنّا نعلم اختلاف هذه المعاني بالضرورة واستلزام البعض٠[3]٠ للبعض لا يوجب الاتّحاد. فإن قيل٠[4]٠: الأمر والنهي بلا مأمور و منهيّ سفه وعبث، والإخبار في الأزل بطريق المضيّ كذب محض يجب تنـزيه الله تعالى عنه. قلنا: إن لم نجعل كلامه في الأزل أمراً ونهياً وخبراً فلا إشكال٠[5]٠، وإن جعلناه فالأمر في الأزل لإيجاب تحصيل المأمور به٠[6]٠ في
[1] قوله: [والنهي على العكس] أي: حقيقة النهي الإخبار عن كون الامتناع من الفعل موجباً للثواب, والإقدام عليه موجباً للعقاب. ١٢ "ر"
[2] قوله: [و ردّ... إلخ] أي: يدفع قول الإمام الرازيّ, بأنّا نعلم اختلاف هذه المعاني أي: الأمر والنهي والخبر بالضرورة؛ لأنّ الخبر هو يحتمل الصدق والكذب, دون الأمر والنهي وغيرها؛ لأنهّا إنشاءات. ١٢
[3] قوله: [واستلزام البعض... إلخ] أي: إن سلّم أنّ هؤلاء الإنشاءات تستلزم معنى الإخبار فهذا الاستلزام لايوجب الاتّحاد إلى المفهوم, حتى يرجع الكلّ إلى الخبر. ١٢
[4] قوله: [فإن قيل] شبهة من المعتزلة, أوردوها علينا لإثبات مذهبهم, وتقرّر هذه الشبهة بوجهين الأوّل: أنّه لو كان الكلام أزليّاً لكان الله تعالى في الأزل آمراً وناهياً بغير مخاطب, وهو سفه وعبث؛ لأنّه يقصد من الأمر مثلاً طلب الفعل من المخاطب وهو غير ممكن بدون المأمور. الثاني: أنّ الإخبار بصيغة الماضي في القرآن كثير، وصدق لفظ الماضي يقتضي وقوع مضمونه قبل الإخبار, فلو كان الكلام أزليّاً لزم الكذب لعدم مضمونه في الأوّل, والكذب محال على الله سبحانه وتعالى. ١٢
[5] قوله: [فلا إشكال] لأنّ الإشكال إنما يرد لو كان كلامه تعالى في الأزل أمراً و نهياً و خبراً.١٢
[6] قوله: [لإيجاب تحصيل المأمور به... إلخ] أي: إنما يلزم السفه لو كان أمر الله تعالى ونهيه؛ لأن يجب إتيانه وتركه وقت أمره ونهيه في الأزل, وأمّا لو كان الأمر من الله تعالى لإيجاب تحصيل المأمور به في وقت وجود المأمور وصيرورته أهلاً لتحصيله, وكذا النهي منه تعالى لإيجاب الكفّ عن المنهي عنه وقت تعلّق النهي بالمكلّف, فهو عين الحكمة ليس بسفه وعبث. ١٢