والخبر، باختلاف التعلّقات٠[1]٠ كالعلم والقدرة وسائر الصفات، فإنّ كلاًّ منها واحدة قديمة, والتكثّر والحدوث إنما هو في التعلّقات والإضافات لِمَا أنّ ذلك أليق بكمال التوحيد٠[2]٠؛ ولأنه لا دليل٠[3]٠ على تكثّر كلّ منها في نفسها، فإن قيل: هذه أقسام للكلام لا يعقل وجوده بدونها٠[4]٠ فيكون متكثّراً في نفسه، قلنا: ممنوع٠[5]٠، بل إنما يصير أحد تلك الأقسام عند التعلّقات، وذلك فيما لا يزال٠[6]٠، وأمّا في الأزل فلا انقسام أصلاً، وذهب بعضهم٠[7]٠ إلى أنه في الأزل خبر٠[8]٠، ومرجع الكلّ إليه؛ لأنّ حاصل الأمر إخبار عن
[1] قوله: [باختلاف التعلّقات] فذلك الكلام الواحد باعتبار تعلّقه بالمامور به أمر, وباعتبار التعلّق بالمنهى عنه نهي, وبالمخبر عنه خبر. ١٢
[2] قوله: [أليق بكمال التوحيد] لأنّ كمال التوحيد إنما يكون بوحدة كلّ واحدة من الصفات. ١٢ "ر"
[3] قوله: [ولأنّه لا دليل... إلخ] دليل ثانٍ على وحدة الكلام, بل سائر الصفات وهو أنّ الثابت بالدليل
هو تكثّر التعلّقات والإضافات لا تكثّر الصفة, ومن ادّعاه فعليه البرهان. ١٢ "ن"
[4] وله: [لا يعقل وجوده بدونها] إذ الجنس لا يوجد إلاّ في ضمن شيء من أنواعه. ١٢
[5] قوله: [قلنا: ممنوع] حاصله أن يقال: إنّا لا نسلّم أنّ هذه الأقسام أنواع حقيقيّة للكلام, حتى يلزم التكثّر في نفس الكلام, بل هي أنواع اعتباريّة, تحصل له بحسب تعلّقه بالأشياء, ككون زيد موجوداً, وكاتباً إلى غير ذلك, فالتكثّر ليس تكثّراً في الحقيقة, بل في الاعتبار فقط. ١٢
[6] قوله: [وذلك فيما لا يزال] وهو مذهب ابن سعيد من الأشاعرة, فقال: كلامه تعالى في الأزل واحد, وليس متّصفاً بشيء من الأقسام الخمسة. الأمر والنهي والخبر والاستفهام والنداء، وإنما يصير أحدهما فيما لا يزال, كذا في "شرح المواقف". ١٢
[7] قوله: [ذهب بعضهم] هو الإمام الرازيّ قدّس سرّه ,كذا في الحواشي. ١٢
[8] قوله: [في الأزل خبر] فيكون واحداً من الأقسام المذكورة, خلاف ما قال ابن سعيد, فهو واحد شخصيّ له تكثّر إضافيّ باختلاف الإضافة إلى خصوص الموادّ. ١٢