عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

الخبر المتواتر٠ سُمّي بذلك لِمَا أنه لا يقع دفعة٠[1]٠، بل على التعاقّب والتوالي. ٠وهو٠ أي: الْخبر ٠الثابت على ألسنة قوم لا يتصوّر تواطؤهم٠٠[2]٠، أي: لا يجوّز العقل٠[3]٠ توافقهم ٠على الكذب٠ ومصداقه٠[4]٠ وقوع العلم من غير شبهة. ٠وهو٠ بالضرورة ٠موجب للعلم الضروريّ كالعلم بالملوك الخالية في الأزمنة الماضية والبلدان النائية٠ يحتمل العطف٠[5]٠ على الملوك وعلى الأزمنة، والأوّل أقرب٠[6]٠ وإن كان أبعد.


 



[1] قوله: [لا يقع دفعةً] أي: سمّي بالمتواتر, فإنّه لا يمكن أن يسمع كلام من جمع عظيم دفعةً, بحيث يستيقن العقل بأنهم يتكلّمون بذلك الكلام لاختلاط الأصوات. وإن أمكن فبناء التسمية على الأكثر, فإنّه قلّما يخبر القوم الكثير عن شيء دفعةً واحدةً. ١٢

[2] قوله: [لا يتصوّر تواطئهم] فيه إشارة إلى أنّ منشأ عدم التجويز كثرتهم, فلا نقض بخبر قوم لا يجوّز  العقل كذبهم بقرينة خارجيّة. ١٢ "خيالي".

[3] قوله: [لا يجوّز العقل] أي: ليس المراد أنّ العقل لا يمكنه تصوّر تواطئهم على الكذب فيما أخبروا به؛ إذ لا نزاع في إمكان تصوّر العقل, بل المراد أنّ العقل يحكم حكماً قطعيًّا بأنهم لا يتوافقون على

الكذب. ١٢

[4] قوله: [مصداقه] أي: ما يصدقه ويدلّ على بلوغه حدّ التواتر ولا يشترط فيه عدد معيّن, مثل: خمسة أو اثنا عشر أو عشرين أو أربعين أو سبعين, كما اشترط بعضهم وهذا مذهب المحقّقين. ١٢

[5] قوله: [العطف] أي: عطف البلدان. ١٢

[6] قوله: [الأوّل أقرب] أي: عطف البلدان على الملوك أقرب بحسب المعنى, وإن كان أبعد من حيث اللفظ فإنّه يحصل حينئذ علمان, أحدهما: العلم بالملوك الخالية، والثاني: العلم بالبلدان النائية, بخلاف ما إذا عطف على الأزمنة، فإنّه يكون حينئذ قيداً للأوّل, فلا يحصل إلاّ علم واحد, والعلمان خير من علم واحد، وأيضاً يلزم أن يكون قيد النائية مستدركاً؛ لأنه يكفي أن يقال: كاللعلم بالملوك الخالية في الأزمنة الماضية, سواء كان في البلدان البعيدة أو القريبة. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388