صاحب "البداية" حيث قال: إنّ العلم الحادث٠[1]٠ نوعان: ضروري وهو ما يحدثه الله تعالى في نفس العبد من غير كسبه واختياره، كالعلم بوجوده وتغيّر أحواله، واكتسابيّ وهو ما يحدثه الله تعالى فيه بواسطة كسب العبد وهو مباشرة أسبابه، وأسبابه ثلاثة: الحواسّ السليمة والخبر الصادق ونظر العقل. ثُمّ قال: والحاصل من نظر العقل نوعان: ضروريّ يحصل بأوّل النظر من غير تفكّر، كالعلم بأنّ الكلّ أعظم من جزءه، واستدلاليّ يحتاج فيه إلى نوع تفكّر, كالعلم بوجود النار عند رؤية الدخان. ٠والإلهام٠٠[2]٠ المفسّر بإلقاء معنى٠[3]٠ في القلب بطريق الفيض٠[4]٠ ٠ليس من أسباب المعرفة بصحّة الشيء عند أهل الحقّ٠٠[5]٠ حتّى يرد به٠[6]٠ الاعتراض على حصر الأسباب في الثلاثة، وكان الأولى٠[7]٠ أن يقول: ½ليس من أسباب العلم بالشيء¼ إلاّ أنه حاول
[1] قوله: [العلم الحادث] احتراز عن علم الله تعالى, فإنّه لا ينقسم إلى هذه الأقسام. ١٢
[2] قوله: [والإلهام] دفع دخل وهو أنّ حصر أسباب العلم في الثلاثة يختلّ بوجود العلم بالإلهام, على ما شهد به الصوفيّة الكرام. ١٢
[3] قوله: [معنى] أراد به ما يقابل المحسوس, أي: ما لا يمكن أن يحسّ, لا ما يقابل اللفظ. ١٢
[4] قوله: [بطريق الفيض] ½فاض الماء¼, كثر حتى سال كالوادي. و½الفيض¼ إنّما يستعمل في إلقاء الله تعالى, وأمّا ما يلقيه الشيطان فإنما يسمّى بـ½الوسوسة¼. ١٢
[5] قوله: [عند أهل الحقّ] خلافاً لبعض المتصوّفة والروافض, مستدلّين بقوله تعالى: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾[الشمس: ٨], والجواب بأنّ المعنى أعلمها بإنزال الوحي على الأنبياء. ١٢
[6] قوله: [حتى يرد به] فيحتاج إلى دفعه بأنه لَمَّا لم يتعلّق بعده سبباً مستقلاًّ غرض صحيح, أدرجوه في العقل, مثل الحدس والتجربة والوجدان. ١٢ "خيالي".
[7] قوله: [كان الأولى] وجه الأولويّة أنّ المصنّف بصدد بيان أسباب العلم لا المعرفة, فيمكن أن يكون المعرفة أخصّ من العلم أو مبايناً له, فلا يلزم من نفيه نفي العلم. ١٢