الخلاف٠[1]٠ في أنّ امتناعه بدليل السمع أو العقل، وأمّا سهواً فجوّزه الأكثرون٠[2]٠، وأمّا الصغائر فيجوز عمداً عند الجمهور٠[3]٠ خلافاً للجبائيّ وأتباعه، ويجوز سهواً بالاتّفاق إلاّ ما يدلّ على الخسّة كسرقة لقمة والتطفيف بحبّة، لكنّ المحقّقين اشترطوا أن ينبّهوا عليه فينتهوا عنه، هذا كلّه بعد الوحي، وأمّا قبله فلا دليل٠[4]٠ على امتناع صدور الكبيرة، وذهبت
[1]قوله: [وإنما الخلاف... إلخ] قال القاضي الباقلانيّ والمحقّقون من الأشاعرة: إنّ العصمة فيما وراء التبليغ غير واجبة عقلاً؛ إذ لا دلالة للمعجزة عليه, فامتناع الكبائر عنهم عمداً مستفاد من السمع وإجماع الأمّة, قبل ظهور المخالفين, وقالت المعتزلة: ممتنع ذلك عقلا؛ لأنّ صدور الكبائر عنهم عمداً يوجب سقوط هيبتهم عن القلوب وانحطاط رتبتهم في أعين الناس, فيؤدّي إلى النفرة عنهم وعدم الانقياد لهم, ويلزم منه إفساد الخلائق وترك استصلاحهم, وهو خلاف مقتضى العقل والحكمة. ١٢ "شرح مواقف".
[2]قوله: [فجوّزه الأكثرون] قال السيّد السند في "شرح المواقف": إنّ المختار خلافه, وقال الملاّ عليّ القاري في "شرح الفقه الأكبر" عن ابن الهمّام: والمختار أي: عند جمهور أهل السنّة, العصمة عن الصغائر والكبائر غير المنفّرة خطاءً أو سهواً. ومن أهل السنّة من منع السهو عليه, والاصحّ جواز السهو في الأفعال، والحاصل أنّ أحداً من أهل السنّة لم يجوّز إرتكاب المنهيّ عنه منهم عن قصد, ولكن بطريق السهو والنسيان, ويسمّى ذلك ½زَلّة¼. ١٢
[3]قوله: [عمداً عند الجمهور... إلخ] قال في "النبراس": فيه قصور؛ لأنّ منع الصغيرة عمداً مختار مذاهب الأشاعرة, كما في "شرح المواقف" و هو مختار الشارح في "التهذيب" و "شرح المقاصد", و الجبائيّة قالوا: لا يصدر الصغيرة إلاّ على سبيل سهو أو خطأ في الاجتهاد. ١٢
[4]قوله: [فلا دليل... إلخ] قال القاضي عياض في "الشفا" بعد ذكر الخلاف في هذه المسئلة: والصحيح إن شاء الله تعالى تنـزيههم من كلّ عيب, فكيف والمسئلة تصوّرها كالممتنع, فإنّ المعاصي والنواهي إنما تكون بعد تقرّر الشرع. ١٢