ينحصر عقلاً في الجوهر بمعنى الجزء الذي لا يتجزّى، بل لا بدّ من إبطال الهيولى والصورة والعقول والنفوس المجرّدة ليتمّ ذلك. وعند الفلاسفة لا وجود للجوهر الفرد، أعني الجزء الذي لا يتجزّى، وتركّب الجسم إنما هو من الهيولى والصورة، وأقوى أدلّة إثبات الجزء أنه لو وضعت كرة حقيقيّة٠[1]٠على سطح حقيقيّ٠[2]٠ لم تماسّه إلا بجزء غير منقسم، إذ لو ماسّته بجزئين لكان فيها خطّ بالفعل٠[3]٠، فلم تكن كرة حقيقيّة، وأشهرها عند المشايخ وجهان: الأوّل: أنه لو كان كلّ عين منقسماً لا إلى نهاية لم يكن الخردلة أصغر من الجبل؛ لأنّ كلاّ منهما غير متناهيالأجزاء، والعظم٠[4]٠ والصغر إنما هو بكثرة الأجزاء وقلّتها وذلك إنما يتصوّر في المتناهي٠[5]
[1]قوله: [كرة حقيقيّة] ½الكرة¼ في اللغة الجسم المستدير الذي يضرب بالصولجان, وفي الاصطلاح جسم مستدير يوجد في داخله نقطة يتساوي جميع الخطوط الخارجة من تلك النقطة إلى السطح المحيط بذلك الجسم, وتسمّى تلك النقطة مركزها, وهذه الخطوط أنصاف القطر. ١٢ "ن"
[2]قوله: [سطح حقيقيّ] أي: مستويّ بحيث لا يكون فيه ارتفاع ولا انخفاض. ١٢
[3]قوله: [خط بالفعل] أي: مستقيم؛ لأنّ اللازم هذا وإن كان مطلق الخطّ بالفعل ينافي الكرة الحقيقيّة. ١٢ "خ"
[4]قوله: [العظم... إلخ] أي: تفاوت المقدارين في العظم والصغر, مثلاً يقال: ½هذا المقدار أعظم من ذلك المقدار, وذلك أصغر منه¼, إنما هو باعتبار قلّة الأجزاء وكثرتها. ١٢
[5]قوله: [في المتناهي] أي: التفاوت بكثرة الأجزاء وقلّتها لا يوجد إلاّ في المتناهي, فإنّه لو كان كلّ من الجملتين غير متناهٍ لأمكن أن يفرض بإزاء كلّ جزء من إحدى الجملتين جزء من الأخرى, وذلك يؤدّي إلى المساواة بينهما؛ إذ لا يتحقّق القلّة والكثرة إلاّ إذا كان في إحديهما جزء لم يوجد بإزاءه جزء من الأخرى, وذا لا يمكن إلاّ أن يكون متناهياً. ١٢