على ما شاء، بل هو نـزاع في أنّ المعنى الذي وضع لفظ الجسم بإزائه هل يكفي فيه التركيب من جزئين أم لا؟ احتجّ الأوّلون٠[1]٠ بأنه يقال٠[2]٠ لأحد الجسمين إذا زيد عليه جزء واحد: ½إنّه أجسم من الآخر¼، فلولا أنّ مجرّد التركيب كاف في الجسميّة لِمَا صار بمجرّد زيادة الجزء أزيد في الجسميّة، وفيه نظر؛ لأنه ½أفعل¼ من الجسامة٠[3]٠ بمعنى الضخامة وعظم المقدار، يقال: ½جسم الشيء¼ أي: عظم فهو جسيم, وجسام بالضمّ، والكلام في الجسم الذي هو اسم لا صفة. ٠أو غير مركّب كالجوهر٠ يعني: العين الذي لا يقبل الانقسام لا فعلاً٠[4]٠ ولا وهماً٠[5]٠ ولا فرضاً٠[6]٠، ٠وهو الجزء الذي لا يتجزّى٠ ولم يقل: ½وهو الجوهر¼، احترازاً عن ورود المنع٠[7]٠، فإنّ ما لا يتركّب لا
[1] قوله: [الأوّلون] أي: القائلون بتركيب الجسم من جزئين فصاعداً. ١٢
[2] قوله: [بأنه يقال] حاصله أنّ الجسمين المتساويين إذا زيد على أحدهما جزء يقال للجسم الزائد عليه الجزء: ½إنه أزيد في الجسمية من الآخر¼, فثبت أنّ مجرّد التركيب كافٍ في تحقّق الجسميّة, وإلاّ لَمَا صحّ أن يقال: ½أنه أجسم من الآخر¼, ولا شكّ في أنّ أدنى التركيب حاصل من جزئين. ١٢
[3] قوله: [لأنه ½أفعل¼ من الجسامة] أي: ليس معنى قولهم: ½هذا أجسم من الآخر¼ أنه أزيد منه في الجسميّة, بل المعنى: أنه أزيد في الجسامة, بمعنى الضخامة والعظمة, وهو صفة ليس الكلام فيه, إنما الكلام في الجسم الذي هو اسم للجوهر المركّب. ١٢
[4] قوله: [لا فعلاً] بأن يكون الإنفكاك في الخارج, ولا يخفى أنه لا يحصل إلاّ بالقطع أو الكسر. ١٢
[5] قوله: [لا وهماً] بأن يحكم القوّة الوهميّة بانقسامه إلى هذا الجزء وذلك الجزء. ١٢
[6] قوله: [لا فرضاً] بأن يبلغ من الصغر حدّاً يَكِلّ دونه الحسّ, ولا يكاد الوهم يميّز بين أجزائه, فيحكم العقل بأنّ له نصفاً ولنصفه نصفاً وهكذا. ١٢ "الهديّة السعيديّة".
[7] قوله: [عن ورود المنع] وإن أمكن دفع منع حصر العين في الجسم والجوهر بالمجرّدات ونحوها بأنّ
المقصود بالتقسيم حصر العين الذي ثبت وجوده, والمجرّدات ونحوها لم يثبت عندنا فهي خارجة عن المقسم. ١٢ "ح"