خلقه؟ قلنا: لأنه قد ثبت أنّ الخالق حكيم لا يخلق شيئاً إلاّ وله عاقبة حميدة وإن لم نطّلع عليها، فجزمنا بأنّ ما نستقبحه من الأفعال٠[1]٠ قد يكون له فيها حِكم ومصالح، كما في خلق الأجسام الخبيثة الضارّة المؤلمة بخلاف الكاسب، فإنّه قد يفعل الحسن وقد يفعل القبيح، فجعلنا كسبه للقبح مع ورود النهي عنه قبيحاً سفهاً موجباً لاستحقاق الذمّ والعقاب. ٠والحسن منها٠ أي: من أفعال العباد وهو ما يكون متعلّق المدح في العاجل٠[2]٠ والثواب في الآجل، والأحسن أن يفسّر بِما لا يكون متعلّقاً للذمّ والعقاب ليشمل المباح٠[3]٠. ٠برضاء الله تعالى٠ أي: بإرادته من غير اعتراض. ٠والقبيح منها٠ وهو ما يكون متعلّق الذمّ في العاجل والعقاب في الآجل. ٠ليس برضائه٠٠[4]٠
[1] قوله: [ما نستقبحه من الأفعال] أي: ما نحسبه من الأفعال قبيحاً, في خلقه مصالح وفوائد, فالخلق حسن وكسبه قبيح. ١٢
[2] قوله: [في العاجل... إلخ] أي: الدنيا, والآجل الآخرة وهذا أكثريّ, وإلاّ فالمدح يتحقّق في الأجل أيضاً, كما في قوله تعالى: ﴿ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ ﴾[الزمر: ٧٣], وكذا الجزاء قد يوجد في الدنيا كما ورد ½الصدقة تطفي غضب الربّ وتردّ البلاء وتزيد في العمر¼ ١٢ "نظم"
[3] قوله: [ليشمل المباح] أي: إنّما كان هذا التفسير أحسن ليدخل المباح في الحسن, بخلاف التفسير الأوّل, فإنّه يلزم عليه أن يكون المباح واسطة بين الحسن والقبح, هذا. ولا يخفى عليك أنّ التفسير الثاني للحسن يصدق على المكروه من القبيح أيضاً, فالأوجه ما في "شرح المواقف" نصّه: القبيح عندنا ما نهي عنه شرعاً نهي تحريم أو تنـزيه, والحسن بخلافه كالواجب والمندوب والمباح عند أكثر أصحابنا من قبيل الحسن وكفعل الله تعالى, فإنّه حسن بالاتّفاق. ١٢
[4] قوله: [ليس برضائه] هذه المسئلة مبنيّة على أصل, وهو أنّ الحبّ والرضا هل هو الإرادة أو هوصفة مغايرة للإرادة؟ فالمعتزلة يجعلونهما جنساً واحداً, وأمّا جماهير الناس من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوّف, فيفرّقون بين النوعين, وهو قول أيِمّة الفقهاء من أصحاب إمامنا الأعظم أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعيّ والإمام أحمد وغيرهم, هوقول المثبتين للقدر مثل الشيخ أبي الحسن الأشعريّ كما ذكره أبو المعالي الجوينيّ, فالنصوص قد صرّحت بأنّ الله تعالى لايرضى الكفر والفسوق والعصيان, ولا يحبّ ذلك مع كون الحوادث كلّها بمشيئة الله تعالى, كذا قال بعض العلماء. ١٢