والكسب لا يصحّ انفراد٠[1]٠ القادر به والخلق يصحّ انفراده، فإن قيل٠[2]٠: فقد أثبتم ما نسبتم إلى المعتزلة من إثبات الشركة. قلنا: الشركة٠[3]٠ أن يجتمع اثنان على شيء ويتفرّد كلّ منهما٠[4]٠ بِما هو له دون الآخر كشركاء القرية والمحلّة، وكما إذا جعل العبد خالقاً لأفعاله والصانع خالقاً لسائر الأعراض والأجسام، بخلاف ما إذا أضيف أمر إلى شيئين بجهتين مختلفتين كالأرض تكون ملكاً لله تعالى بجهة التخليق وللعباد بجهة ثبوت التصرّف، وكفعل العبد ينسب إلى الله تعالى بجهة الخلق وإلى العبد بجهة الكسب، فإن قيل: فكيف٠[5]٠ كان كسب القبيح قبيحاً سفهاً موجباً لاستحقاق الذمّ بخلاف
[1]قوله: [لا يصحّ انفراد... إلخ] فانّ مجرّد الكسب ليس بكافٍ في وجود المكسوب, بل يحتاج الكاسب في وجوده إلى الخلق عقيب صرف القدرة بخلاف الخلق؛ لأنه يستغني عن الكسب. ١٢
[2]قوله: [فإن قيل... إلخ] حاصل هذا السؤال أن يقال: لو كان للعبد قصد واختيار في أفعاله لزم إثبات ما نسبتم إلى المعتزلة من إثبات الشركة بين الله وبين العبد واللازم باطل, فالملزوم مثله. ١٢ "ر"
[3]قوله: [قلنا: الشركة... إلخ] يعني: أنها تتصوّر إنّما باختلاف المحلّ, ولو بالتوهّم كالشركة في ملك العبد الواحد لا باختلاف الفعل, فلا يتوهّم ما يتوهّم, والحقّ أن يقال: الممنوع هو الشركة في الخالقيّة سواء كان في محلّ واحد أو في محلّين, لا شركة مطلق الدخل. ١٢ "نظم الفرائد".
[4]قوله: [ويتفرّد كلّ منهما... إلخ] أي: يكون لكلّ منهما حصّة لا يشاركه فيها آخر, سواء كانت الحصّة مقسومة أو غير مقسومة. ١٢ن
[5]قوله: [فإن قيل: فكيف... إلخ] هذا السؤال يتّجه على قوله: ½والكسب لا يصحّ انفراد القادر به... إلخ¼ حاصله: أنه إذا كان متعلّق الكسب والخلق واحداً, وهما مشتركان في التعلّق بالفعل, فلم صار كسب القبيح قبيحاً دون خلقه مع أنّ الاشتراك في التعلّق يقتضي أن لا يكون بينهما تفاوت أصلاً في