عنوان الكتاب: شرح العقائد النسفية

فإن قيل: فيكون فعله٠[1]٠ الاختياريّ واجباً أوممتنعاً، وهذا ينافي الاختيار. قلنا: إنّه ممنوع، فإنّ الوجوب بالاختيار محقّق للاختيار٠[2]٠ لا مناف له، وأيضاً منقوض٠[3]٠ بأفعال الباري، فإن قيل: لا معنى لكون العبد فاعلاً بالاختيار إلاّ كونه موجداً لأفعاله بالقصد والإرادة، وقد سبق أنّ الله تعالى مستقلّ بخلق الأفعال وإيجادها، ومعلوم أنّ المقدور الواحد لا يدخل تحت قدرتين٠[4]٠ مستقلّتين، قلنا: لا كلام في قوّة هذا الكلام ومتانته إلاّ أنه لَمَّا ثبت بالبرهان أنّ الخالق هو الله تعالى، وبالضرورة أنّ لقدرة العبد وإرادته مدخلاً في بعض الأفعال٠[5]٠ كحركة البطش دون البعض كحركة الارتعاش، احتجنا في التفصّي


 



[1] قوله: [فيكون فعله... إلخ] أي: إذا أراد الله تعالى أنّ العبد يفعله باختياره, وعلم ذلك بكون فعل العبد الاختياريّ واجباً, وإذا أراد أن يتركه باختياره وعلم ذلك يكون ممتنعاً, والوجوب والامتناع كلاهما يضادّان للاختيار. ١٢

[2] قوله: [محقّق للاختيار] فلا يكون فعل العبد كحركة الجماد, قال المحقّق السيالكوتي ما نصّه: لا يخفى عليك أنّ ما ذكره إنّما يدلّ على عدم كونه مجبوراً في الأفعال الصادرة بتوسّط الاختيار, و أمّا في نفس الاختيار فهو مضطرّ مجبور قطعاً, كما أنه تعالى موجب بالنسبة إلى الإرادة و غيرها من الصفات, و إن كان مختارا بالنسبة إلى الأفعال الصادرة بتوسّطها .١٢

[3] قوله: [وأيضاً منقوض... إلخ] الحاصل أنه لو تَمّ دليلكم لزم أن يكون الواجب تعالى مجبوراً في أفعاله؛ إذ قد تعلّق علمه و إرادته في الأزل بصدورها عنه, فلو كان تعلّقهما بصدور الفعل سالباً للاختيار لزم الجبر في الواجب, وهو باطل إجماعاً. ١٢ "ن"

[4] قوله: [تحت قدرتين... إلخ] لأنه يلزم أن يكون ذلك المقدور محتاجاً إلى كلّ منهما على الانفراد, ومستغنياً عن كلّ واحدة منهما, والتفصيل في "شرح هداية الحكمة" للخير آباديّ. ١٢

[5] قوله: [مدخلاً في بعض الأفعال] بالدوران بأنه متى تحقّق القدرة تحقّق الفعل, ومتى لم توجد لم يوجد, والترتّب المحض الخاصّ عن الحكم بالتاثير أو عدمه كما يحكم بدوران الإحراق مع مساس النار وترتّبه عليه, لا أنه يحكم العقل بأنّ لقدرته مدخلاً فيه بالتأثير حتى يصير منافياً لقوله: بأنّ الخالق هو الله تعالى كذا في "الخيالي" وحاشيته. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

388