يترتّب استحقاق الثواب والعقاب على أفعاله ولا إسناد الأفعال التي تقتضي سابقيّة القصد والاختيار إليه على سبيل الحقيقة, مثل ½صلّى¼ و½كتب¼ و½صام¼، بخلاف مثل ½طال الغلام¼٠[1]٠ و½أسود لونه¼. والنصوص٠[2]٠ القطعيّة تنفي ذلك٠[3]٠ كقوله تعالى: ﴿ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾[الواقعة: ٢٤] وقوله تعالى: ﴿ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَفَلۡيَكۡفُرۡ﴾[الكهف: ٢٩] إلى غير ذلك، فإن قيل: بعد تعميم٠[4]٠ علم الله تعالى وإرادته، ½الجبر لازم قطعاً¼؛ لأنهما إمّا أن يتعلّقا بوجود الفعل فيجب, أو بعدمه فيمتنع، ولا اختيار مع الوجوب والامتناع، قلنا: يعلم ويريد أنّ العبد يفعله أو يتركه باختياره، فلا إشكال٠[5]٠.
[1] قوله: [بخلاف مثل ½طال الغلام¼] جواب عن سؤال مقدّر تقريره: أنّ صحّة إسناد الفعل لا تستلزم أن تكون للعبد قدرة واختيار فيه, ألا يرى أنه يصحّ الإسناد في مثل: ½طال الغلام¼ و½أسود لونه¼, مع أنه ليس للعبد قدرة واختيار في الطول والسواد. فأجاب: بأنّ الكلام في الأفعال التي تقتضي سابقيّة القصد والاختيار بذواتها, فخرج مثل: ½طال¼ و½أسود¼, فإنّهما ليسا من تلك الأفعال. ١٢
[2] قوله: [والنصوص... إلخ] استدلال سمعيّ بعد الأدلّة العقليّة. ١٢
[3] قوله: [ذلك] أي: ما ذهب إليه الجبريّة من أنه لا فعل للعبد أصلاً. ١٢
[4] قوله: [بعد تعميم... إلخ] أي: بعد ما ثبت من تعميم علم الله تعالى وإرادته لكلّ ما صدر عن العباد من الأفعال يلزم الجبـر لا محالة؛ لأنهما إن تعلّقا بوجود الفعل فيجب الفعل, وإلاّ يلزم الجهل والعجز, وكلاهما محالان, وإن تعلّقا بعدم الفعل فيمتنع, ولا اختيار للعبد مع الوجوب والامتناع. ١٢
[5] قوله: [فلا إشكال] حاصل الجواب أن يقال: إنّ الجبـر إنّما يلزم إذا تعلّق علم الله وإرادته بالفعل أو الترك بدون اختيار العبد, وأمّا إذا تعلّقا بالفعل أو الترك على وفق اختيار العبد حسب ما جرت عليه العادة الإلهيّة, فلا يلزم الجبـر. ١٢