لغو من الكلام، فليتأمّل. ٠ولا يكلّف العبد٠[1]٠ بما ليس في وسعه٠ سواء كان ممتنعاً في نفسه٠[2]٠ كجمع الضدّين أو ممكناً٠[3]٠ كخلق الجسم، وأمّا ما يمتنع بناء على أنّ الله تعالى علم خلافه أو أراد خلافه كإيمان الكافر وطاعة
[1]قوله: [لا يكلّف العبد] تحرير المقام أنّ ما لا يطاق, على ثلاث مراتب: ما يمتنع في نفسه, وما يمكن في نفسه ولا يمكن من العبد عادة, وما يمكن منه لكن تعلّق بعدمه علمه تعالى وإرادته, فالأولى لا يجوز ولا يقع تكليفه اتفاقاً, والثانية: لايقع اتفاقاً ويجوز عندنا خلافاً للمعتزلة, والثالثة: يجوز ويقع بالاتّفاق, فهذا توجيه ما قيل: تكليف مالا يطاق واقع عند الأشعريّ, ومن لا يقول بوقوع تكليف ما لا يطاق لا يعدّ المرتبة الثالثة من مراتب ما لا يطاق, نظراً إلى أنّه ممكن في نفسه, كذا في "الخيالي" وحاشية. ١٢
[2]قوله: [ممتنعاً في نفسه] أي: الممتنع بالذات وهو القسم الأوّل من أقسام ما لا يطاق، قد سبق قول العلاّمة الخيالي من أنّه لا يجوز ولا يقع تكليفه اتفاقاً, لكن مِمَّا يفهم من "المواقف" أنّه فيه خلاف, فقد قال القاضي عضد الدين ما نصّه: وأقصاها أن يمتنع لنفس مفهومه كجمع الضدّين وقلب الحقائق, وجواز التكليف به فرع تصوّره وهو مختلف فيه, انتهى. ويظهر من "مسلّم الثبوت" وشرحه "فواتح الرحموت" أنّه لا يجوز عند الماتريديّة, ويجوز عند الأشعريّة نصّهما: ولا يجوز التكليف بالممتنع بالذات مطلقاً كجمع بين الضدّين, وجوّز الأشعريّة, انتهى. ويؤيّده ما في "نظم الفرائد" نصّه عامّة الشرّاح للكلام والمحشّين على هذا الشرح نصّوا: على أنّ التكليف بالممتنع لذاته لا يجوز, ولعلّه مذهب الماتريديّة. ١٢
[3]قوله: [أو ممكناً] أي: بالنسبة إلى قدرة الله تعالى لكنّه يكون ممتنعاً بالنسبة إلى القدرة الحادثة لامتناع تعلّقها به, ويلحق به ما يكون من جنس ما يتعلّق به القدرة الحادثة, لكنّه يكون من نوع أو صنف لا تتعلّق به, كحمل الجبل والطيران إلى السماء, كذا يستفاد من "شرح المواقف". ١٢