وجدالاً، حتّى إنَّ بعض المتغلّبة قتل كثيراً من أهل الحقّ لعدم قولهم بـ½خلق القرآن¼؛ ولأنه٠[1]٠ يورث قدرة على الكلام في تحقيق الشرعيّات, وإلزام الخصوم، كالمنطق للفلاسفة؛ ولأنه أوّل٠[2]٠ ما يجب من العلوم التي إنّما تعلّم وتتعلّم بالكلام، فأطلق عليه هذا الاسم لذلك، ثُمّ خصّ به، ولم يطلق على غيره تميّزاً، ولأنه إنما يتحقّق بالمباحثة, وإدارة الكلام من الجانبَين وغيره٠[3]٠ قد يتحقّق بمطالعة الكتب والتأمّل، ولأنه أكثر العلوم نزاعاً و خلافاً٠[4]٠، فيشتدُّ افتقاره إلى الكلام مع المخالفين والردّ عليهم. ولأنه لقوّة
[1] قوله: [لأنه يورث] أي: أنّ هذا العلم يفيد القدرة على الكلام في تحقيق الأحكام الشرعيّة فسمّي بـ½الكلام¼ تسمية السبب باسم المسبّب، ويمكن أن يقال: إنّ له نسبة إلى العلوم الإسلاميّة في إفادة القدرة على الكلام, كنسبة المنطق إلى الفلسفة حيث يفيد القدرة على الكلام في تحقيق مسائل الفلسفة, فسمّي بـ½الكلام¼ المرادف للمنطق, ويؤيّده ما قال في "شرح المواقف" نصه: إنّ لهم علماً نافعاً في علومهم سمّوه بـ½المنطق¼, ولنا أيضاً علم نافع في علومنا سمّيناه بـ½الكلام¼ إلاّ أنّ نفع المنطق في علومهم بطريق الآليّة والخدمة, ونفع الكلام في علومنا بطريق الإحسان والمرحمة. ١٢
[2] قوله: [أوّل ما يجب] يعني: أنّ الاشتغال بـ½علم الكلام¼ أوّل الواجبات؛ إذ هو أصل الشرائع كلّها, والفائدة فيه أتمّ وبه الهدى, و½الاشتغال¼ بالتعليم والتعلّم لا يكون إلاّ بالتكلّم وبه يسمّى ½كلاما¼ وغيره من العلوم التي هي أوّل الواجبات لا يسمّى به للتميّز، كذا في "حاشية رمضان آفندي". ١٢
[3] قوله: [غيره قد يتحقّق] أي: غير علم الكلام مثلاً علم الفقه قد يتحقّق بالتأمّل والمطالعة, فإنّ إمامنا الأعظم أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه دوّن الفقة واستنبط الأحكام الشرعيّة من الكتاب والسنّة, ولم يكن له مخالف فيما قال, فقد تحقّق بمطالعة الكتب ولم يحتجّ إلى المباحثة وإدارة الكلام من الجانبين. ١٢
[4] قوله: [خلافاً] فإنّ المخالفين فيه من أهل القبلة ثنتان وسبعون فرقةً, ومن أصناف الكفّار أكثر من ذلك, وأيضاً الخلاف في أصول الدين أشدّ نزاعاً من الخلاف في غيرها. ١٢ "نبراس".