قلنا٠[1]٠: إمّا أن يفيد شيئاً فلا يكون فاسداً، أو لا يفيد فلا يكون معارضة. فإن قيل: كون النظر مفيداً للعلم٠[2]٠, إن كان ضروريًّا لم يقع فيه خلاف كما في قولنا: ½الواحد نصف الاثنين¼، وإن كان نظريًّا يلزم إثبات النظر بالنظر٠[3]٠ وأنه دور٠[4]٠, قلنا: الضروريّ٠[5]٠ قد يقع فيه خلاف، إمّا لعناد أو لقصور في الإدراك، فإنّ العقول متفاوتة بحسب الفطرة باتّفاق من العقلاء٠[6]٠, واستدلال
[1] قوله: [قلنا... إلخ] أي: إنّ هذه المعارضة بهذا النظر الفاسد إن كانت مفيدةً لبطلان مذهبنا فليس بفاسد, وإن لم تفد أصلاً صارت لغواً, فلا تصحّ المعارضة به فبقي دليلنا سالِماً عن المعارضة. ١٢
[2] قوله: [كون النظر مفيداً للعلم] هذه شبهة من جانب السمنيّة وبعض الفلاسفة, حاصلها: أنّ قولكم: ½إنّ النظر الصحيح مفيد للعلم¼, لا يخلو إمّا أن يكون ضروريّاً أو نظريًّا, وكلاهما باطلان. أمّا الأوّل: فلأنه لو كان ضروريّاً لما وقع فيه اختلاف العقلاء, لا سيّما إذا كان أوّليًّا. وأمّا الثاني: فلأنه يلزم منه إثبات النظر بالنظر. ١٢
[3] قوله: [إثبات النظر بالنظر] إذ يحتاج على تقدير كونه نظريّاً إلى نظر يفيد العلم به, فيلزم إثبات الشيء بنفسه. ١٢ "شرح مواقف".
[4] قوله: [أنه دور] لأنّ العلم بالكليّة أي: كلّ نظر صحيح من العقل مفيد للعلم موقوف على نظر جزئيّ يفيد العلم به, وذلك النظر الجزئيّ يتوقّف على كون النظر من العقل مفيداً للعلم، وهذا توقّف الشيء على نفسه الذي هو دور مستحيل. ١٢
[5] قوله:[قلنا: الضروريّ] جواب على اختيار الشقّ الأوّل من السؤال: وهو الذي اختاره الإمام الرازيّ رحمه الله نصّه قولكم: ½لو كان ضروريّاً لم يختلف فيه, قلنا: لا نسلّم, بل قد يخلتف فيه قوم قليل, وكيف وقد أنكر قوم البديهيّات رأساً¼، كذا في "المواقف". ١٢
[6] قوله: [باتّفاق من العقلاء] أي: عقلاء أهل السنّة, فإنّ المعتزلة يزعمون أنّ العقول في الفطرة على السواء؛ لأنّ التكليف على المكلّفين بالسويّة, فكذا مناطه وهو العقل, ثمّ يزداد في بعض الناس لممارسة العلوم والتمرّن في التأمّلات. ١٢ "نبراس".