الله تعالى, وعلم به صدق دعوى النبيّ عليه السلام علماً عاديًّا لا يقدح فيه شيء من الاحتمالات العقليّة, على ما هو شأن سائر العلوم العاديّة، وثانيهما: أنه نقل عنه من الأمور الخارقة للعادة ما بلغ القدر المشترك منه أعني: ظهور المعجزة حدّ التواتر، وإن كانت تفاصيلها٠[1]٠ آحاداً, كشجاعة عليّ رضي الله عنه, ووجود حاتم وهي مذكورة في كتاب السير، وقد يستدلّ أرباب البصائر٠[2]٠ على نبوّته بوجهين: أحدهما: ما تواتر من أحواله قبل النبوّة وحال الدعوة وبعد تمامها وأخلاقه العظيمة وأحكامه الحكميّة وإقدامه
[1] قوله: [وإن كانت تفاصليها آحاداً] كتكلّم البهائم ونطق الأشجار والأحجار وشهادة الكلّ بنبوّة, وبكاء جذع النخلة حين ترك الاتّكاء إليه, وإشباع جماعات كثيرة بطعام قليل, و نبوع الماء من أصابعه عليه السلام إلى غير ذالك, بل قال القاضي عياض في "الشفا" ما حاصله: إنّ كثيراً من المعجزات قد بلغ حدّ التواتر والشهرة, والحكم بأنهّا من أخبار الآحاد ناشٍ من قلّة مطالعته للأخبار و رواياتها, وشغله بغير ذلك من المعارف, ولا يبعد أن يحصل العلم بالتواتر عند واحد ولا يحصل عند آخر. ١٢
[2] قوله: [وقد يستدلّ أرباب البصائر... إلخ] مبنى الاستدلال الأوّل أعني: قوله: ½أمّا نبوّة محمّد صلّى الله تعالى عليه وسلّم... إلخ¼, على دعوى النبوّة, وإظهار المعجزة على التعيين وهو كلام الله, أو الإجمال وهو سائر معجزاته التي أشار إليها بقوله: ½وثانيهما¼، ومبنى الاستدلال الثاني وهو قوله: ½وقد يستدلّ أحدهما... إلخ¼ على أنه مكمّل بالفتح, على وجه لا يتصوّر في غير النبيّ عليه السلام, ومبنى الاستدلال الثالث وهو قوله: ½وثانيهما أنه إدعّى... إلخ¼ على أنه مكمّل بالكسر على ذلك الوجه أيضاً, وليس في هذين الوجهين ملاحظة التحدّي وإظهار المعجزة, كذا في "الخيالي". ١٢