ويسمع بالنظم الدالّ عليه، ويحفظ بالنظم المخيّل ويكتب بنقوش وأشكال موضوعة للحروف الدالّة عليه، كما يقال: ½النار جوهر مضيء محرق¼، يذكر باللفظ ويكتب بالقلم، ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتاً وحرفاً، وتحقيقه أنّ٠[1]٠ للشيء وجوداً في الأعيان ووجوداً في الأذهان ووجوداً في العبارة ووجوداً في الكتابة، فالكتابة تدلّ٠[2]٠ على العبارة وهي على ما في الأذهان٠[3]٠ وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف٠[4]٠ القرآن بما هو من
[1] قوله: [تحقيقه أنّ... إلخ] حاصله أنّ إطلاق القرآن أو كلام الله تعالى على هذه الأمور باعتبار علاقة الدلالة, والتعبير تسمية للدالّ (المعبّر به) باسم المدلول (المعبّر عنه)، وإنما الحقيقة هو الشيء بوجوده العينيّ, ثُمَّ نسبة الوجود الذهنيّ واللفظيّ والكتابيّ إلى الشيء تجوّز، وإنما هو المستند إلى دوالّه, الصور والألفاظ والنقوش . ١٢"نظم الفرائد"
[2]قوله: [فالكتابة تدلّ... إلخ] اعلم أنّ الكتابة تدلّ على العبارة دلالة وضعيّة، والعبارة أيضاً على ما في الأذهان دلالة وضعيّة, وما في الذهن يدلّ على ما في الخارج دلالة ذاتيّة .١٢ "ر"
[3] قوله: [على ما في الأذهان] هذا يدلّ على أنّ الألفاظ موضوعة للصور الذهنيّة, أو الأعيان الخارجيّة، واختلف الناس في الموضوع له للألفاظ, فقيل: الصورة الذهنيّة؛ لأنها الحاصلة في الذهن, وقيل: الأعيان الخارجيّة؛ لأنها مناط الاستعمال والمتلفت إليها بالذات، والتحقيق أنّ الموضوع له نفس الشيء من حيث هي هي, بلا خصوصيّة ظرف دون ظرف. ١٢
[4]قوله: [فحيث يوصف... إلخ] يعني: إذا عرفت أنّ إطلاق القرآن على المكتوب في المصاحف, والمحفوظ في القلوب, والمقروّ بالألسن, والمسموع بالآذان, باعتبار أنها دالّة عليه وتعبيرات عنه, فحيث يوصف القرآن بما هو من لوازم القديم يراد به ذاته الموجودة في الخارج من غير ملاحظة أمر يدلّ عليه, وحيث يوصف بما هو من لوازم المحدثات يراد به مظاهره ودوالّه من الألفاظ المنطوقة المسموعة, أو الأشكال المنقوشة, وحينئذ لا يرد بأنّ هذا التحقيق تحقيق جواب آخر, لا تحقيق جواب المصنّف كما أورد بعض المحشّين. ١٢