وإنما الكلام في المعنى القديم، والمعتزلة لَمَّا لم يمكنهم٠[1]٠ إنكار كونه تعالى متكلّماً, ذهبوا إلى أنه تعالى متكلّم بمعنى إيجاد الأصوات والحروف في محالها أو إيجاد أشكال الكتابة في اللوح المحفوظ وإن لم يقرأ على اختلاف بينهم٠[2]٠، وأنت خبير بأنّ المتحرّك٠[3]٠ من قامت به الحركة، لا من أوجدها، وإلاّ يصحّ٠[4]٠ اتّصاف الباري بالأعراض المخلوقة له تعالى والله تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً. ومن أقوى شبه المعتزلة أنّكم متّفقون على أنّ القرآن اسم لِمَا نقل إلينا بين دفّتي٠[5]٠ المصاحف تواتراً، وهذا يستلزم كونه مكتوباً في المصاحف مقروًّا بالألسن مسموعاً بالآذان، وكلّ ذلك من سمات
[1] قوله: [لَمَّا لم يمكنهم... إلخ] لتصريحات القرآن وانعقاد الإجماع وتواتر النقل عن الأنبياء عليهم السلام. ١٢
[2] قوله: [على اختلاف بينهم] في كيفيّة أخذ جبرئيل القرآن عن الله سبحانه, فقال بعض المعتزلة: يخلق الله تعالى صوتاً, فيسمعه جبرئيل وينـزل به, وقال بعضم: ينظر إلى النقوش المكتوبة في اللوح المحفوظ. ١٢ "ن"
[3] قوله: [أنت خبير بأنّ المتحرّك... إلخ] حاصله الإيراد بأنّ معنى المشتقّ ما قام به مبدءه, لا من قام به إيجاد مبدءه وخلقه, وإلاّ لكان القائم مقيماً, والمتحرّك محرّكاً. ١٢ "نظم الفرائد".
[4] قوله: [وإلاّ يصحّ... إلخ] أي: إن لم يكن المتحرّك من قام به الحركة, بل من أوجدها, لصحّ اتّصاف الباري تعالى بحسب اللغة بالأعراض المخلوقة له تعالى, بأن يقال: إنّه تعالى أسود بمعنى: أن يخلق السواد في الأجسام, فلا يرد بأنّ إطلاق المشتقّ من الأعراض على الله تعالى موقوف على إذن الشرع. ١٢
[5] قوله: [دفّتي] الدفّة الجنب من كلّ شيء أو صفحته, يقال: ½بات يتقلّب على دفّتيه¼, ومنه: ½دفّتا المصحف¼. ١٢ "المعجم الوسيط".