للأموات خلافاً للمعتزلة متمسّكاً بأنّ القضاء لا يتبدّل٠[1]٠، وكلّ نفس مرهونة بما كسبت٠[2]٠، والمرء مجزيّ بعمله٠[3]٠ لا بعمل غيره، ولنا ما ورد في الاحاديث الصحاح من الدعاء للأموات خصوصاً في صلاة الجنازة، وقد توارثه السلف، فلو لم يكن للأموات نفع فيه لمَا كان له معنى، وقال عليه السلام: ½ما من ميّت تصلّي عليه أمّة من المسلمين يبلغون مائة, كلّهم يشفعون له إلاّ شفّعوا فيه¼، وعن سعد بن عبادة أنه قال: يا رسول الله! إنّ أمّ سعد ماتت، فأيّ الصدقة أفضل؟ قال: ½الماء¼، فحفر بئراً وقال: ½هذه لأمّ سعد¼، وقال عليه السلام: ½الدعاء يردّ البلاء، والصدقة تطفئ غضب الربّ¼ وقال عليه السلام: ½إنّ العالم والمتعلّم٠[4]٠ إذا مرّا على قرية, فإنّ الله يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يوماً¼ والأحاديث والآثار في هذا الباب أكثر من أن تحصى. ٠والله تعالى يجيب الدعوات ويقضي الحاجات٠ لقوله
[1] قوله: [لا يتبدلّ] وأجيب بأنّ عدم تبدّل القضاء بالنسبة إلى الموتى لا ينافي نفع دعاء الأحياء لهم فإنّ ذلك النفع بالدعاء يجوز أن يكون بالقضاء. ١٢ "شرح الفقه الأكبر".
[2] قوله: [مرهونة بما كسبت] وأجيب بأنّ توفيق الأحياء للدعاء لهم يجوز أن يكون بكسبهم عملاً في الدنيا يستحقّ به مثل ذلك الجزاء, فيكون مجزيًّا بعمله في الآخرة. ١٢ "شرح الفقه الأكبر".
[3] قوله: [مجزيّ بعمله... إلخ] دليل مستنبط من الآية ﴿ وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾[النجم: ٣٩], وأجاب عنه العلاّمة القاري في "شرح الفقه الأكبر": بأنه لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره, وإنما نفى ملكه بغير سعيه, وبين الأمرين فرق بيّن, فأخبر الله تعالى أنه لا يملك إلاّ سعيه, وأمّا سعيُ غيره فهو مِلك لساعيه, فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أن يبقيه لنفسه وهو سبحانه لم يقل: لا ينتفع إلاّ بما سعى. ١٢
[4] قوله: [العالم والمتعلّم... إلخ] قال العلاّمة القاري في "شرح الفقه الأكبر" عن الإمام السيوطيّ: إنّه لا أصل له. ١٢